القتال يمتد على طول الحدود المتنازع عليها بين كمبوديا وتايلند

أعلنت تايلاند اليوم الثلاثاء أنها ستتخذ إجراءات عسكرية لطرد القوات الكمبودية من أراضيها، في تصعيد جديد للتوترات الحدودية المستمرة بين البلدين. وتأتي هذه الخطوة بعد تجدد الاشتباكات على طول الحدود المتنازع عليها، مما يعرض للخطر الاستقرار الإقليمي ويهدد جهود السلام السابقة. وتعتبر قضية الحدود المتنازع عليها بين تايلاند وكمبوديا من القضايا المعقدة التي تتطلب حلاً دبلوماسياً لتجنب المزيد من التصعيد، خاصة وأن الاشتباكات تتسبب في خسائر في الأرواح ونزوح المدنيين.
الاشتباكات تتصاعد والوضع الإنساني يزداد سوءاً
أفادت وزارة الدفاع الكمبودية بمقتل مدنيين اثنين خلال الليلة الماضية، ليرتفع عدد القتلى إلى ستة، بالإضافة إلى جندي تايلاندي. وتتبادل الحكومتان الاتهامات ببدء القتال، حيث تتهم كل منهما الأخرى بانتهاك السيادة الوطنية. وقالت البحرية التايلندية إنها رصدت قوات كمبودية داخل الأراضي التايلندية في مقاطعة ترات الساحلية، وبدأت عمليات عسكرية لطردها، دون الخوض في تفاصيل إضافية.
من جانبه، حذر رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه تايلاند من استخدام القوة العسكرية ضد القرى المدنية بذريعة استعادة السيادة. وأكد أن هذا الإجراء سيكون غير مقبول وسيزيد من حدة التوتر بين البلدين.
التحركات العسكرية المتبادلة
تتهم القوات البحرية التايلندية القوات الكمبودية بزيادة تواجدها ونشر قناصين وأسلحة ثقيلة، بالإضافة إلى تعزيز المواقع المحصنة والخنادق. وتعتبر هذه التحركات “تهديدًا مباشرًا وخطيرًا لسيادة تايلاند”. في المقابل، تتهم كمبوديا القوات التايلندية ببدء إطلاق النار واستهداف المواقع الكمبودية.
وتعتبر الاشتباكات الأخيرة هي الأعنف منذ تبادل إطلاق الصواريخ والمدفعية الثقيلة في يوليو/تموز الماضي، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 48 شخصًا ونزوح أكثر من 300 ألف شخص. وقد تدخل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب آنذاك للتوسط في وقف إطلاق النار الهش.
في الوقت الحالي، أعلنت تايلاند إجلاء حوالي 438 ألف مدني من خمس مقاطعات حدودية، بينما أفادت السلطات الكمبودية بنقل مئات الآلاف من الأشخاص إلى أماكن آمنة. هذا النزوح الجماعي يفاقم الأزمة الإنسانية ويضع ضغوطًا إضافية على الموارد المتاحة.
خلفية النزاع الحدودي
يعود النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا إلى أكثر من قرن، حيث يتنازع البلدان على السيادة في مناطق غير محددة على طول حدودهما المشتركة التي يبلغ طولها 817 كيلومترًا. وقد أثارت الخلافات حول المعابد القديمة، وخاصة معبد براة فيهار، مشاعر قومية قوية وساهمت في اندلاع مناوشات مسلحة متفرقة على مر السنين.
تفاقمت القضية بسبب عدم وجود ترسيم واضح للحدود في بعض المناطق، مما أدى إلى تفسيرات مختلفة للخريطة القديمة. وقد حاولت الحكومتان حل النزاع من خلال المفاوضات الدبلوماسية، ولكن دون تحقيق تقدم كبير حتى الآن. وتشمل القضايا العالقة أيضاً تحديد المناطق الاقتصادية الخالصة في خليج تايلاند.
الوضع الأمني: تعتبر المنطقة الحدودية حساسة للغاية، حيث تتواجد فيها مجموعات مسلحة غير حكومية تستغل التوتر بين البلدين لتحقيق أهدافها الخاصة. الجهود الدبلوماسية: تسعى دول المنطقة والمنظمات الدولية إلى التوسط بين تايلاند وكمبوديا لإيجاد حل سلمي للنزاع. النزوح السكاني: يشكل النزوح الجماعي للمدنيين تحديًا إنسانيًا كبيرًا ويتطلب تقديم المساعدة العاجلة للمتضررين.
توقعات مستقبلية
من المتوقع أن تستمر التوترات الحدودية بين تايلاند وكمبوديا في المدى القصير، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات جادة لحل النزاع. وتعتمد الاستقرار الإقليمي على قدرة الحكومتين على ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.
من المرجح أن تسعى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى لعب دور أكثر نشاطًا في التوسط بين البلدين، وذلك لمنع تفاقم الأزمة وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي. وستراقب المنظمات الدولية الوضع الإنساني عن كثب لتقديم المساعدة اللازمة للمتضررين. من الضروري متابعة التطورات على الحدود، وخاصة أي تحركات عسكرية جديدة أو مبادرات دبلوماسية، لتقييم الوضع بشكل دقيق.





