القدس.. الاحتلال يهجر مائة فلسطيني بهدم بناية سكنية

اقتحمت قوات إسرائيلية حي وادي قدوم في سلوان بمدينة القدس، وهدمت بناءً سكنيًا يضم 12 شقة، مما أدى إلى إخلاء قسري لسكانها. تصاعد التوتر في المنطقة، مع اتهامات بالاعتداء على السكان من قبل سلطات الاحتلال، وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من عمليات الهدم التي تستهدف المنازل الفلسطينية في القدس، مما يثير مخاوف بشأن سياسات تهجير الفلسطينيين وتغيير الطابع الديموغرافي للمدينة.
وقعت الأحداث في وقت مبكر من صباح الاثنين، حيث قامت الشرطة الإسرائيلية مدعومة بقوات الجيش ووحدات الكلاب البوليسية، بمحاصرة مبنى “الوعد” السكني وإجبار السكان على الخروج. تزامن الاقتحام مع وجود مستوطنين في المنطقة، مما زاد من حدة المواجهة مع السكان المحليين الذين حاولوا الاحتجاج على الهدم.
تهجير الفلسطينيين: سياق أوسع للعمليات في القدس
ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها القدس عمليات هدم مماثلة. فقد وثقت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية ارتفاعًا ملحوظًا في عدد عمليات الهدم التي تستهدف المنازل والمنشآت الفلسطينية في القدس الشرقية، خاصة في الأحياء التي تعتبر استراتيجية للمستوطنين. تشير التقارير إلى أن سلطات الاحتلال غالبًا ما تبرر هذه الهدمات بعدم وجود تراخيص بناء، وهو أمر يواجهه الفلسطينيون صعوبات كبيرة في الحصول عليه بسبب القيود المفروضة عليهم.
وقال مؤيد برقان، أحد سكان المبنى المهدم، إن عملية الإخلاء كانت مفاجئة وعنيفة. أضاف أنه تلقى إخطارًا بإخلاء المبنى قبل عدة أشهر، لكنه حاول الحصول على ترخيص بناء، واصفًا الإجراءات بالمعقدة والمقصودة لعرقلة حصول الفلسطينيين على حقوقهم.
اعتراضات السكان وتصاعد التوتر
حاول بعض السكان الاعتراض على عملية الهدم، لكنهم قوبلوا بالقمع من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية، بحسب شهود عيان. أفادت محافظة القدس أن قوات الشرطة اعتدت بالضرب على بعض السكان، وأطلقت القنابل الصوتية لتفريق المتجمهرين. كما أشارت المحافظة إلى أن عملية الهدم تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من المدينة، في إطار مخطط استعماري أوسع يهدف إلى تغيير الطابع الديموغرافي للقدس.
وتركزت الاحتجاجات بشكل أساسي حول فقدان المنازل والممتلكات، بالإضافة إلى المخاوف بشأن المستقبل. يعيش العديد من السكان في المبنى منذ سنوات طويلة، ويعتبرونه موطنهم الوحيد.
يذكر أن عمليات الهدم هذه تأتي في سياق أزمة الإسكان في القدس التي يعاني منها الفلسطينيون. مع صعوبة الحصول على تراخيص بناء، يضطر العديد من السكان إلى بناء منازلهم بشكل غير قانوني، مما يجعلها عرضة للهدم في أي وقت. يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار العقارات وصعوبة العثور على بدائل مناسبة للسكن.
وتثير هذه الأحداث تساؤلات حول الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بحماية حق السكن. يدعو مراقبون دوليون إلى فتح تحقيق مستقل في عمليات الهدم، ومحاسبة المسؤولين عنها.
ردود الفعل الرسمية
نفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي نية للتهجير القسري للفلسطينيين، وادعت أن عمليات الهدم تستهدف المباني غير القانونية التي تشكل خطرًا على السلامة العامة. غير أن هذه الادعاءات قوبلت بشك من قبل الفلسطينيين ومنظمات حقوق الإنسان، التي تؤكد أن عمليات الهدم تتم بشكل انتقائي وتستهدف بشكل خاص الأحياء الفلسطينية في القدس.
أدانت محافظة القدس بشدة عملية الهدم، ووصفها بأنها “جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية”. وحذرت المحافظة من أن هذه السياسات ستؤدي إلى تصعيد التوتر في المدينة، وستزيد من خطر اندلاع مواجهات عنيفة.
من جهتها، أعربت العديد من الدول والمنظمات الدولية عن قلقها بشأن عمليات الهدم المتزايدة في القدس، ودعت إلى احترام حقوق الفلسطينيين ووقف سياسات التوسع الاستيطاني التي تهدد عملية السلام.
من المتوقع أن تستمر التوترات في القدس خلال الأيام القادمة، مع احتمال قيام المزيد من عمليات الهدم. يجب مراقبة ردود فعل السكان الفلسطينيين وموقف المجتمع الدولي عن كثب، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة. كما يتوجب متابعة أي إجراءات قانونية قد يتم اتخاذها للطعن في قرار الهدم أو للمطالبة بتعويضات للسكان المتضررين.





