الكويت في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. تاريخ من الالتزام الحقوقي بالقيم الضامنة للحريات

تحتفل الكويت مع المجتمع الدولي باليوم العالمي لحقوق الإنسان، والذي يوافق العاشر من ديسمبر من كل عام، في تجديد سنوي لالتزامها الراسخ بالقيم والمبادئ التي تكفل كرامة الإنسان وتحمي حريته وحقوقه الأساسية. يمثل هذا اليوم فرصة لتأكيد أهمية حقوق الإنسان وتعزيزها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة في هذا المجال.
تأتي هذه الاحتفالية في ظل تزايد التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم، مما يجعل من الضروري أكثر من أي وقت مضى التمسك بهذه الحقوق والدفاع عنها. وتؤكد الكويت على أن احترام حقوق الإنسان هو أساس التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
الكويت وحقوق الإنسان: التزام تاريخي
لطالما كان إيمان الكويت بحقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من هويتها وقيمها، وهو ما تجسد في دستورها الصادر عام 1962 الذي تضمن العديد من المواد التي تتوافق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، انضمت الكويت إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحماية وتعزيز هذه الحقوق.
انضمام الكويت للمعاهدات الدولية
من بين أبرز هذه المعاهدات، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما انضمت الكويت إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية مناهضة التعذيب، مما يعكس التزامها بمكافحة التمييز وحماية الفئات الأكثر ضعفاً.
وتولي الكويت اهتماماً خاصاً بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، التي أقرتها الأمم المتحدة، والتي ترتكز على مبادئ حقوق الإنسان. وقد تم دمج هذه الأهداف في الخطط التنموية للدولة، مع التركيز بشكل خاص على دعم قضايا المرأة والطفل وكبار السن، وتعزيز التعليم والرعاية الصحية.
دور الكويت في المحافل الدولية
في أكتوبر 2023، فازت الكويت بعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2024-2026، وذلك تقديراً لدورها البارز في مجال حقوق الإنسان ومواقفها الثابتة والمبدئية تجاه القضايا الإنسانية العادلة. وقد أكدت الكويت على التزامها بمواصلة العمل مع المجتمع الدولي لتعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
خلال مشاركتها في أعمال الدورة الـ 58 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أبريل 2024، جددت الكويت التزامها بمبادئ القانون الدولي الإنساني وحماية حقوق الإنسان، خاصة في مناطق النزاع مثل فلسطين وسوريا والسودان وميانمار. كما ترأست الكويت المجموعة الخليجية في الدورة الـ 60 للمجلس في أكتوبر 2024، سعيًا لتوحيد المواقف الخليجية والإقليمية في هذا الشأن.
في مايو 2024، اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالإجماع تقرير الكويت الوطني الرابع، والذي أكد على تعزيز منظومة البلاد الوطنية لحماية حقوق الإنسان من خلال إصلاحات تشريعية ومؤسسية شاملة. ويتماشى هذا التقرير مع المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.
جهود الكويت في حماية الفئات الضعيفة
تولي الكويت اهتماماً خاصاً بحماية الفئات الضعيفة في المجتمع، مثل ذوي الإعاقة والعمالة المتعاقدة. فمن خلال الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، تعمل الكويت على ضمان حقوق هذه الفئة وتقديم الرعاية والدعم اللازم لهم. كما أن القانون رقم 68 لسنة 2015 يوفر إطاراً قانونياً لحماية حقوق العمال المتعاقدة.
وفيما يتعلق بحقوق المرأة، أصدرت الكويت القانون رقم 160 لسنة 2020 الذي يدعم حقوق المرأة ويحميها من العنف الأسري. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الكويت على تجريم الجرائم المتعلقة بالاعتداءات الجنسية وهتك العرض والسمعة، وإنشاء مركز متخصص لحماية الطفولة.
تلعب وزارة الخارجية الكويتية، من خلال إدارة حقوق الإنسان، دوراً محورياً في تعزيز هذه الحقوق على الصعيد الدولي، والتعاون مع الآليات الأممية، ومتابعة قضايا التنمية المستدامة والمساواة ومكافحة التمييز. وتحرص الوزارة على تمثيل مصالح الكويت في المحافل الدولية وإبراز جهودها في مجال حقوق الإنسان.
يعكس تأسيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان بموجب مرسوم أميري عام 2015، مدى حرص الكويت على تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ويعمل الديوان بشكل مستقل على نشر وتعزيز واحترام الحريات العامة والخاصة، وفقاً لأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الكويت.
مع استمرار التحديات التي تواجه حقوق الإنسان عالمياً، من المتوقع أن تواصل الكويت جهودها في هذا المجال، وأن تعمل مع المجتمع الدولي لتعزيز هذه الحقوق وحمايتها. وستظل قضية العدالة والكرامة الإنسانية على رأس أولويات الكويت في سياستها الخارجية والداخلية. ومن المهم متابعة التطورات التشريعية والمؤسسية المتعلقة بحقوق الإنسان في الكويت، وتقييم مدى فعاليتها في حماية وتعزيز هذه الحقوق.




