المستديرة تستعد لعام استثنائي.. مونديال تاريخي ومواجهة محتملة بين ميسي ورونالدو

ليس كل ما هو أكبر حجماً يكون بالضرورة أفضل، غير أن القائمين على كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم، يبدون مقتنعين بعكس ذلك، وهم يستعرضون موسماً حافلاً بالأحداث ويستعدون لتنظيم نسخة غير مسبوقة من كأس العالم، يُتوقع أن تكون الأضخم في تاريخ البطولة. يشهد عالم كرة القدم توسعات ملحوظة في البطولات الكبرى، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على جودة اللعب وصحة اللاعبين.
سيجادل الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا)، إلى جانب الاتحادات القارية ومسابقات الدوري الوطنية والقنوات الناقلة، أن شغف الجماهير “باللعبة الجميلة” لا حدود له، وسيشيرون إلى ما حدث خلال 12 شهراً الماضية كدليل على ذلك. شهدت هذه الفترة إقبالاً جماهيرياً كبيراً على البطولات المختلفة، بالإضافة إلى ارتفاع نسب المشاهدة عبر التلفزيون والمنصات الرقمية.
بطولة كأس العالم للأندية
وصف الفيفا بطولة كأس العالم للأندية الموسعة بمشاركة 32 فريقاً بأنها “نجاح باهر”، بعد أن حضرها 2.4 مليون مشجع في الولايات المتحدة خلال الصيف، بينهم 81 ألفاً في المباراة النهائية التي فاز فيها تشلسي على باريس سان جيرمان. يعكس هذا الإقبال المتزايد الاهتمام العالمي بالبطولة وتطورها المستمر.
لكن الهزائم الثقيلة التي تلقاها أوكلاند سيتي أمام بايرن ميونيخ (10-صفر) وبنفيكا (6-صفر)، إضافة إلى هزائم العين 5-صفر و6-صفر، أثارت تساؤلات بشأن مستوى المنافسة، بالنظر لأن مثل هذه الفوارق الكبيرة قد تتكرر في كأس العالم. يتطلب ذلك دراسة متأنية لآليات التأهل وتوزيع الفرق لضمان تحقيق التوازن المطلوب.
وسيشارك رقم قياسي يبلغ 48 منتخباً -بزيادة عن 32 منتخباً في نسخة قطر عام 2022- في البطولة التي ستقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، والتي ستشهد إقامة 104 مباريات، لتضع قدرة اللاعبين والمشجعين ووسائل الإعلام على التحمل في اختبار حقيقي. هذا التوسع يمثل تحدياً لوجستياً وتنظيمياً كبيراً، ويتطلب استعدادات مسبقة لضمان سير البطولة بسلاسة.
وأصبح الحفاظ على صحة اللاعبين نقطة خلاف بالفعل، إذ حذرت رابطة اللاعبين المحترفين (فيفبرو) من ارتفاع معدلات الإصابات والإرهاق في ظل جدول مباريات يتوسع باستمرار. يتطلب ذلك تعاوناً وثيقاً بين الفيفا والاتحادات القارية والمسابقات الوطنية لتعديل الجداول وتوفير فترات راحة كافية للاعبين.
وبعد أن تحظى منتخبات مثل الرأس الأخضر وكوراساو والأردن وأوزبكستان بالأضواء لفترة وجيزة، ستصل البطولة على الأرجح لمراحلها الحاسمة مع تنافس المنتخبات المعتادة مثل الأرجنتين حاملة اللقب وفرنسا والبرازيل وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا، على الكأس المرموقة. هذا التنافس الشديد يضمن تقديم مباريات مثيرة وممتعة للجماهير.
مواجهة محتملة بين ميسي ورونالدو
سيحتاج معلقو التلفزيون إلى تدوين ملاحظات كثيرة حول بعض الأسماء غير المألوفة، لكن لاعبين اثنين لن يحتاجا أي تعريف. يشكل وجود نجوم عالميين مثل ميسي ورونالدو إضافة كبيرة لأي بطولة.
ولم يسبق أن تقابل الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، وهما أبرز لاعبي القرن 21، في أي من مشاركاتهما الخمس السابقة في كأس العالم، ولكن إذا سارت النتائج كما هو متوقع، قد يلتقيان في مواجهة أخيرة في دور الثمانية في كانساس سيتي، وسيكون رونالدو حينها بعمر 41 عاماً مقابل 39 عاماً لميسي. هذه المواجهة المحتملة ستكون بمثابة تتويج لمسيرتهما الكروية الحافلة بالإنجازات.
ولم يُظهر أي منهما علامات فقدان الشغف في عام 2025، إذ واصل رونالدو تسجيل الأهداف مع النصر السعودي وساهم في تتويج البرتغال بلقب دوري الأمم الأوروبية، بينما قاد ميسي إنتر ميامي للفوز بكأس الدوري الأميركي، وحصد جائزة أفضل لاعب في البطولة إلى جانب جائزة هداف الدوري. يؤكد هذا المستوى الرفيع من الأداء على استمرارية النجوم الكبار في التألق.
تطورات في دوري أبطال أوروبا
نجحت النسخة الموسعة من دوري أبطال أوروبا للرجال، التي تضم مرحلة الدوري بمشاركة 36 فريقاً، في كسب ثقة المشككين بعدما بقيت آمال 27 نادياً قائمة حتى الجولة الثامنة والأخيرة من تلك المرحلة. يعكس هذا التطور زيادة التنافسية في البطولة وإتاحة الفرصة لمزيد من الأندية للمشاركة.
ورغم أن ذلك كان مثيراً، فإن النظام الجديد جاء في صالح الأندية الكبرى، ولا أحد أكثر من باريس سان جيرمان الذي خسر 3 من مبارياته الخمس الأولى واحتل المركز 15 قبل أن يتألق في أدوار خروج المغلوب. يتطلب ذلك إجراء تعديلات على النظام لضمان تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الأندية.

وتأهلت 6 أندية إنجليزية إلى دوري أبطال أوروبا 2025-2026، في إثبات جديد على تفوق الدوري الإنجليزي الممتاز على غيره. فقد أنفقت أنديته الـ20 مجتمعة 3 مليارات جنيه إسترليني (4.01 مليارات دولار) خلال فترة الانتقالات الصيفية، أي أكثر مما أنفقته الأندية في مسابقات الدوري بألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا مجتمعة. يعكس هذا الإنفاق الكبير قوة الدوري الإنجليزي وقدرته على جذب أفضل اللاعبين.
وشهد عام 2025 تطوراً تقنياً ملحوظاً، إذ أطلق الفيفا نظاماً أسرع للكشف شبه الآلي عن حالات التسلل، بينما سيكون المونديال المقبل الأكثر تطوراً من الناحية التقنية على الإطلاق، حتى الكرة الجديدة “تريوندا” مزودة بشريحة ذكاء اصطناعي تساعد الحكام في اتخاذ القرارات بشكل أدق. تساهم هذه التطورات التقنية في تحسين مستوى التحكيم وتقليل الأخطاء.
من المتوقع أن يعلن الفيفا عن تفاصيل خططه لتطوير كأس العالم بشكل أكبر في الأشهر القادمة، مع التركيز على زيادة عدد المنتخبات المشاركة وتحسين تجربة المشجعين. يبقى من غير المؤكد كيف ستؤثر هذه التغييرات على مستقبل اللعبة، ولكن من الواضح أن كرة القدم تتجه نحو مزيد من التوسع والتطور.





