الحراك السياسي.. هل يوقف حرب غزة ويخمد نار لبنان؟

على وقع مباحثات متلاحقة، تترقب الأوساط السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وعديد العواصم العالمية المهتمة، كيف ومتى ستتوقف الحرب في قطاع غزة، وتحت مظلة المقترح الذي أطلقه الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، أرخى وزير خارجيته أنتوني بلينكن أستار التهدئة على المشهد الملتهب منذ أكثر من ثمانية أشهر، أكان في قطاع غزة أو على جبهة جنوب لبنان.
الحيز الفلسطيني واللبناني من الحراك الأمريكي، الجاري عبر الوسطاء والأطراف المعنية، وفي مقدمتها القاهرة والدوحة، وإن استنسخ من سلسلة مباحثات سابقة، إلا أنه يؤشر على فرصة متاحة في هذه المرحلة، للتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب ولو مؤقتاً، وصولاً للوقف الدائم والمستدام، ومنع كتلة اللهب من التدحرج أكثر في المنطقة، ولا سيما على جبهة لبنان، لكن هذا الاتفاق وفق مراقبين، مرهون بمعالم التوجه الإسرائيلي، وما سيحمله (ما بعد حل مجلس الحرب) وخصوصاً أن مواقف داخلية عدة تتقاطع في الشارع الإسرائيلي ما بين مؤيد ومعارض.
وإذ تمضي الحرب المروعة ضد المدنيين في قطاع غزة، متجاوزة حاجز الـ255 يوماً، فإن خيار القوة المفرطة آخذ في التحول إلى سياسة عدمية مع عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أي تقدم عسكري، ومواصلة تكبده خسائر كبيرة في ساحات الاشتباك مع الفصائل الفلسطينية، فضلاً عن اهتزاز التوافق بين مكوناته الحزبية الداخلية، وضغط الشارع الإسرائيلي وأهالي الأسرى، دون إغفال حرج الموقف الرسمي لواشنطن، وتحولات الرأي العام العالمي، وتوالي الإدانات الدولية والأممية لإسرائيل.
وفي الأيام الأخيرة، أخذت الأنظار تتجه صوب جبهة لبنان، التي ارتفع منسوب كتلة اللهب فيها، الأمر الذي قد يفرض على إسرائيل مواجهة جديدة وأشد عنفاً، وهذا ما اضطر الإدارة الأمريكية كي تخف مسرعة إلى المنطقة، من خلال مبعوثيها، محاولة إخماد جذوة النار.
ويقول مراقبون، إن وقف الحرب في قطاع غزة، سينعكس على جبهة لبنان، وهذا من وجهة نظرهم، سيسجل للدبلوماسية الأمريكية، بالتعاون مع الشركاء والأطراف المعنية، أنها نجحت في تطويق أزمة كبيرة، فكل طرف (على الجبهتين) يتمسك بموقفه، وبالتالي فأي حل سيكون بمثابة اختراق.
ولا يمكن لأي من المراقبين، ولو كان «يضرب في الودع» أن يتنبأ إلى أين ستنتهي الحرب التي استعر أوارها في الأيام الأخيرة، وبعد أن أطلق الرئيس الأمريكي الرصاصة الدبلوماسية الأخيرة لوقفها.
وفي حين تتباكى إسرائيل على أوضاع المدنيين والنازحين في قطاع غزة، أخذت ترفع من ضراوة النار، في ضوء تهديدات رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بالاستمرار في الحرب حتى تحرير جميع المحتجزين، بذات الطريقة التي أسالت المزيد من الدماء في مخيم النصيرات.
وللمرة الأولى منذ بدء الحرب، تأتي المبادرة لوقفها من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي حظي مقترحه بتأييد عالمي واسع، ما يؤشر إلى أن العالم بات يضيق ذرعاً بالحرب، والتعنت الذي يعرقل جهود التوصل إلى هدنة ثانية، وصفقة جديدة لتبادل الأسرى.
ويرى الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات، أن حكومة نتانياهو، رغم ما أصابها من تصدعات وانهيارات، بسبب الاستقالات التي توالت أخيراً، ستواصل اللعب على حافة التهدئة أطول فترة ممكنة، حتى لو كان «الوقت من دم» وحتى لو ارتفعت أصوات المعارضة، إذ بات كل همه مستقبله السياسي وأهدافه الشخصية، مرجحاً: «سيتمسك نتانياهو بخيار القوة لاستعادة جميع المحتجزين، بذات الطريقة التي قادت إلى تحرير أربعة منهم في مخيم النصيرات».