المشيشي: وضع تونس صعب والمعارضة إما مضطهدة أو في السجون

كشف رئيس الحكومة التونسية السابق هشام المشيشي عن أبرز نقاط الضعف لدى الرئيس الحالي قيس سعيد، مؤكدًا أن عدم تحقيق أي إنجازات ملموسة يمثل أكبر تحدٍ له. وأضاف المشيشي أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب في تونس يلاحق الرئيس، وأن الاحتجاجات الأخيرة في قابس دليل على ذلك. هذا التقييم يأتي في ظل تزايد الانتقادات الداخلية والخارجية لأداء سعيد، وتصاعد الأزمة السياسية في تونس.
وفي حوار مع صحيفة لوموند الفرنسية، أوضح المشيشي أن سعيد عزل تونس عن شركائها التقليديين، على عكس ما كان عليه الحال في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي حافظ على علاقاته مع أوروبا والولايات المتحدة رغم الانتقادات الموجهة إليه. ويثير هذا العزل مخاوف بشأن مستقبل العلاقات الخارجية لتونس وتأثيرها على الاستثمارات والتنمية.
تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس
أشار المشيشي إلى أن الاحتجاجات على التلوث الكيميائي في قابس تعكس حالة الغضب الشعبي المتزايد بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة. وأضاف أن هذه الاحتجاجات هي مجرد بداية لتداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها تونس، وأن الرئيس سعيد سيواجه المزيد من التحديات في المستقبل القريب.
وبحسب تقارير إعلامية، تشهد تونس موجة اعتقالات تستهدف معارضي الرئيس سعيد، حيث أُدين العديد منهم بتهم تتعلق بـ “التآمر على أمن الدولة”. وتشمل هذه الاعتقالات شخصيات بارزة في المعارضة، بما في ذلك المحامين والناشطين السياسيين، مما يثير قلقًا بشأن حرية التعبير وحقوق الإنسان في البلاد.
غياب المعارضة الموحدة
أكد المشيشي أن المعارضة التونسية تعاني من الانقسام وعدم القدرة على تشكيل بديل موحد للرئيس سعيد. وأوضح أن معظم قادة المعارضة إما تعرضوا للاضطهاد أو السجن، بينما يواجه المنفيون في الخارج صعوبات في التوحد وتنسيق جهودهم. هذا الوضع يعزز من موقف الرئيس سعيد ويقلل من فرص التغيير السياسي.
من جهتها، ذكرت مجلة جون أفريك أن السجون التونسية بدأت تستقبل قادة معارضين بارزين، بمن فيهم أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 12 عامًا بتهمة التآمر على أمن الدولة. كما أُلقي القبض على الناشطة شيماء عيسى وحُكم عليها بالسجن لمدة 20 عامًا في محاكمة أثارت انتقادات واسعة.
وتشير التقارير إلى أن الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب أصدرت أحكامًا بالسجن تتراوح بين 10 سنوات و45 عامًا على المتهمين في قضية “التآمر على أمن الدولة”، بينما حُكم على آخرين بالسجن لمدة 5 سنوات. وتعتبر هذه الأحكام الصارمة بمثابة رسالة قوية للمعارضة، وتؤكد على عزم الرئيس سعيد على قمع أي محاولة لتقويض سلطته.
تأثير الأزمة على الاستقرار الإقليمي
تأتي هذه التطورات في ظل أوضاع إقليمية مضطربة، حيث تواجه تونس تحديات أمنية واقتصادية متزايدة. ويخشى المراقبون من أن استمرار الأزمة السياسية في تونس قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في المنطقة، وزيادة خطر التطرف والإرهاب. الوضع في تونس يثير قلقًا متزايدًا لدى الدول المجاورة والجهات الفاعلة الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية في تونس قد يؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، مما يزيد من الضغوط على الدول الأوروبية. الأزمة الاقتصادية في تونس تتطلب تدخلًا عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي والفني لمساعدة البلاد على تجاوز هذه الصعوبات.
وفي سياق متصل، أكدت منظمات حقوقية أن المحاكمات التي تجري في تونس لا تلتزم بمعايير المحاكمة العادلة، وأن المتهمين لا يحصلون على حقوقهم في الدفاع. وطالبت هذه المنظمات بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة.
من المتوقع أن يستمر الوضع السياسي في تونس في التدهور في الفترة القادمة، ما لم يتم التوصل إلى حلول سياسية واقتصادية شاملة. ويتوقف مستقبل تونس على قدرة الأطراف المختلفة على الحوار والتوافق، وإيجاد حلول للأزمة التي تهدد استقرار البلاد. المستقبل السياسي لتونس لا يزال غامضًا، ويتطلب مراقبة دقيقة للتطورات على الساحة التونسية.
في الختام، يظل الوضع في تونس معلقًا على نتائج التحقيقات الجارية في قضايا التآمر على أمن الدولة، وعلى ردود فعل المجتمع الدولي تجاه الأحكام الصادرة. من المتوقع أن تشهد تونس المزيد من التوترات السياسية والاجتماعية في الأشهر القادمة، ما لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة.





