Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

المقاومة بالفكرة.. ابتكارات غزة في زمن الحرب

“ما أقصى مراحل الإحباط التي قد يصل لها الإنسان؟ وإلى أي حد يدفعه الأمر للتفكير بالموت؟” سؤالان يلخصان ما دار في ذهن الشاب الفلسطيني عبد الله قلجة عندما استنفد الأطباء الحلول لعلاج قدمه اليسرى، وقاموا ببترها بسبب إصابة تعرض لها إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزل جيرانه شمالي قطاع غزة.

ففي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلا مجاورا لعائلة قلجة، مما أسفر عن استشهاد والده وشقيقه، وإصابة عبد الله وشقيقه الثاني وعدد آخر من أفراد العائلة.

وأجرى الأطباء 4 عمليات طارئة لعلاج قدم عبد الله، لم تفلح جميعها. وجاءت اللحظة التي “تمنيت فيها الموت قبل أن أخسر قدمي”، هكذا يصف الشاب للجزيرة نت أقصى مرحلة من الإحباط وصل لها وقت إبلاغه بأن العملية الخامسة ستكون بترها.

نزح عبد الله مع أمه ومن تبقى من عائلته، وانتهى بهم المطاف مؤخرا في خيمة بالقرب من شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة.

ويضيف عبد الله للجزيرة نت “السعي في طلب الرزق عبادة، لكن الطريق مؤلم وشاق بقدم واحدة، بعد أن منحني أحد الأصدقاء عكازا أتكئ عليه، قبل أن أقرر تحويل العكاز المكسور إلى قدم صناعية”.

وتابع “لقد صنعت لنفسي حياة من جديد، صحيح هي فكرة بدائية، لكنها بالنسبة لي مجدية للحد الذي يعينني على مصاعب الحرب وفقر الإمدادات الطبية في حرب لم تبق شيئا على حاله في غزة”.

تحلية مياه البحر

أما الفلسطيني أحمد عفانة، فيقول إنه كان يشق طريقا وعرة يوميا باحثا عن أقرب نقطة لتعبئة مياه الشرب، خاصة أنه يسكن خيمة على رمال البحر الممتدة وسط القطاع، مما يجعل المهمة مرهقة.

ويضيف للجزيرة نت أن “تعبئة مياه صالحة للشرب، وأنت تسكن خيمة على شاطئ البحر أبعد ما تكون عن المناطق السكنية، مهمة ليست سهلة، يشارك فيها أطفالي أحيانا بدلا من الجلوس للدراسة والتعليم”.

وأردف قائلا “لأن الاحتلال والحرب لا يكسران صمود الفلسطيني، ابتكرت طريقة لتحلية مياه البحر الممتدة أمام مرأى بصره من أجل الحصول على نحو لترين من مياه صالحة للشرب يوميا”.

ويُحضر أحمد المياه من البحر، ويضعها في أنبوب مليء بالحجارة، وفي نهايته مصفاة لترسيب الملوحة. ويعترف الشاب النازح من مخيم جباليا بأن هذه الطريقة لا تغني عن الحصول على المياه مما تبقى من محطات تحلية في غزة، لكنها مجدية إلى حد لا يجعله يضطر يوميا لقطع مسافات طويلة وشاقة.

وتعمّد جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 استهداف آبار المياه والخزانات ومحطات التحلية المختلفة، حتى بات مشهد طوابير المواطنين للحصول على بضع ليترات منها مألوفا على الشاشات.

مقاومة بالفكرة

وكما وضعت الحرب أحوال الفلسطينيين ومصائرهم في المجهول، فقد دفعتهم للمقاومة بالأفكار وتحدي الظروف الصعبة وانعدام الخدمات الأساسية بصور مختلفة.

وفي ظل انعدام الكهرباء وانقطاعها بشكل كامل عن غزة في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ابتكر الخياطون طريقة لتشغيل ماكينة الخياطة الخاصة باستخدام دراجة هوائية، في ظل حاجة الفلسطينيين إلى هذه المهنة لإصلاح ما تبقى معهم من ملابس.

وهي الطريقة نفسها التي استخدمها فلسطينيون آخرون في إعادة تدوير أقمشة البطانيات الحرارية لإنتاج ملابس شتوية.

ومع اقتراب فصل الشتاء الأصعب على سكان غزة، يشكو أكثر من مليوني مواطن من ندرة الملابس وتوفرها بأسعار باهظة، مما يجعل فكرة تدوير البطانيات الحرارية مبتكرة للنازحين في القطاع.

وبسبب ندرة الغاز وصعوبة توفيره في ظل إغلاق معابر غزة، عمل فلسطينيون على ابتكار حلول بديلة، عبر إشعال النيران بواسطة زيت القلي وبعض البلاستيك، مستعينين بمجفف الشعر لجعل النار أكثر اشتعالا وانتظاما.

ودمرت إسرائيل خلال الحرب على غزة القطاع الاقتصادي بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، الأمر الذي أحدث خسائر مالية واقتصادية كبيرة جدا.

وتوقفت 82% من الشركات في غزة، التي تشكل محركا رئيسيا للاقتصاد، وتسببت الحرب الإسرائيلية في وضع اقتصاد القطاع في حالة خراب، وفق تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد).

ووصل معدل البطالة في قطاع غزة إلى 80% منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق تقرير نشرته منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران الماضي.

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة خلفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وللعام الثاني على التوالي، يواصل جيش الاحتلال حرب الإبادة الجماعية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، مستهدفا البشر والحجر، مما تتسبب في خسائر مالية ضخمة، قدرها المكتب الإعلامي الحكومي بنحو 33 مليار دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى