النصف الجميل من الكوب
لا نقف عند النصف الفارغ من الكوب، ولا نطيل النظر إلى هذا فقط، فالنصف الآخر منه مليء بالجميل واللذيذ، طعم مستساغ، ومشهد يسر الناظرين، نتلقى يومياً العشرات من الفيديوهات التلقائية، يبثها شباب من الإخوة العرب، والأشقاء الخليجيين، تنطق بالحب والإعجاب بتفاصيل معروفة للكثيرين.
وربما تكون غائبة أو مغيبة عن البعض من مجتمعنا، الذي يتباهى أنه حضن دافئ للمقيمين بيننا، برد وسلام عليهم من كل سوء، يستظلون بفيء بلادنا ونسيمها، يتعايشون مع أهلها، يعملون ويحيون فيها، زادهم ما يكنون لهذه الأرض من عشق ومودة، يفرحون لإنجازاتها، ويتغنون بما يجدون فيها من رغد العيش وحسن المقام، يسهمون في مسيرتها التنموية، وينطلقون في هذا العالم المتناغم، نحو المستقبل المشرق لهم ولأبنائهم.
هؤلاء لا يجدون ضيراً في عبارات الإنصاف والحق، يصفون بها مجتمعاً، هو بالنسبة لهم أيضاً وطن، ولا يأبهون بالزعيق والصراخ الذي يطلقه آخرون، ولا تنجح محاولاتهم لإخفاء نور الشمس بالغربال، أو النيل من جمالها، أو حرمان الناظرين لها، المترقبين لدفئها وأشعتها، لتبدد ظلام الليل، واستقبال الفجر، بما فيه من روعة ودهشة في نهار جديد.
نحيي من يجد بيننا الحب، فشعر به، ورأى فينا الإحسان فذكره، والتمس من لدنا حنانا وذوقاً وأدباً وكرماً وعطاءً، فابتسم وشكر، طاب له العيش وراق له المقام، وجد نفسه بين أهله وأشقائه، هذا هو النصف الجميل، الذي تتشابك معه أيدينا، ولا نرى النصف الآخر الفارغ، وليس لنا فيه سوى التجاهل وصرف النظر عما يخلفه مروره المشين من أشواك على الورد.
ويدعس الجميل بكراهية تمكنت منه، وإساءة لا يتوانى عن توجيهها إلينا، عبر فيديوهات فارغة، ليس فيها سوى خطاب الكراهية، يرتدي الزي الوطني الإماراتي، ويصبح كمثل الحمار يحمل أسفاراً، أو ثور هائج ينطح ويضرب بقرنيه حوائط صلبة كالجبال، لا تتأثر بالنطح والناطحة، هؤلاء لهم القانون الذي يقف لهم بالمرصد.