Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الكويت

«الأوقاف»: الشريعة الإسلامية حرصت على كل ما يؤلّف القلوب ويجمعها وحذّرت من كل ما ينفّرها ويفرّقها

  • السلام سبب لشيوع المحبة والألفة وحسن المعاملة والعشرة

أسامة أبو السعود 

عممت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خطبة الجمعة بعنوان «إفشاء السلام» على مساجد البلاد.

وشددت «الأوقاف» في خطبة الجمعة التي أعدتها لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة، على أن الشريعة الإسلامية حرصت على كل ما يؤلف القلوب ويجمعها، وحذرت من كل ما ينفرها ويفرقها.

وأكدت أن السلام سبب لشيوع المحبة والألفة وحسن المعاملة والعشرة، ولفتت إلى أن من جملة الآداب التي حث عليها الإسلام وسعى في نشرها بين الأنام بث الوئام وإفشاء السلام.

وفيما يلي نص الخطبة

الحمد لله الذي جعل الأخلاق من الدين، وأعلى بها شأن المؤمنين، فرفع بمكارمها أقواما فكانوا من المتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (آل عمران: 102).

أيها المؤمنون:

لقد حرصت الشريعة الإسلامية على كل ما يؤلف القلوب ويجمعها، وحذرت من كل ما ينفرها ويفرقها، لأن المجتمع متى ما سادته الألفة والوئام والوداد والانسجام قويت أركانه، واشتد بنيانه، واكتمل نظامه، ولذا كان من أوائل الأعمال التي قام بها نبينا المختار: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، فعن أنس ÿ قال: لما قدم النبي ژ المدينة أتاه المهاجرون، فقالوا: يا رسول الله، ما رأينا قوما أبذل من كثير، ولا أحسن مواساة من قليل، من قوم نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤنة، وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله، فقال النبي ژ: «لا، ما دعوتم الله لهم، وأثنيتم عليهم» (رواه الترمذي وصححه).

أيها المسلمون:

إن من جملة الآداب التي حث عليها الإسلام، وسعى في نشرها بين الأنام: بث الوئام وإفشاء السلام، فعن عبد الله بن سلام ÿ قال: لما قدم رسول الله ژ المدينة انجفل الناس إليه، وقيل: قدم رسول الله ژ، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجه رسول الله ژ عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء تكلم به أن قال: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (رواه الترمذي وصححه).
وإفشاء السلام يكون: في إظهاره وإعلانه والإكثار منه، وأن يحرص المسلم على رده، فالابتداء به سنة، ورده واجب، فإن كان المسلم عليه واحدا، تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة، كان فرض كفاية في حقهم، إذا رد أحدهم سقط الحرج عن الباقين، قال تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا) (النساء: 86)، قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: (فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة)، وعن أبي هريرة ÿ قال: قال رسول الله ژ: «حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس» (رواه البخاري ومسلم).

أيها المؤمنون:

إن السلام في لغة العرب مأخوذ من السلامة، فأنت تدعو لصاحبك إذا سلمت عليه بأن يسلمه الله تعالى، ومنه قيل للجنة: دار السلام، لأنها سالمة من الآفات والمنغصات، قال تعالى: (والله يدعوا إلى دار السلم) (يونس: 25) ومن أسماء الله الحسنى: السلام، وهو قد ورد مرة واحدة في القرآن الكريم أواخر سورة الحشر، وروى البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني من حديث أنس ÿ أن النبي ژ قال: «إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم»، ومن معاني هذا الاسم: أنه سبحانه وتعالى سالم من كل آفة ومنقصة وعيب ومثلية، ولكماله جل وعلا: يخلص ويسلم عباده من المكروه المرهوب، ويجلب إليهم المرغوب المحبوب.

أيها المباركون:

كلما زاد المسلم في سلامه، وحرص على رده وإكماله وإتمامه: حظي بالأجر والثواب، فعن أبي هريرة ÿ أن رجلا مر على رسول الله ژ وهو في مجلس فقال: السلام عليكم، فقال: «عشر حسنات»، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: «عشرون حسنة»، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: «ثلاثون حسنة»، فقام رجل من المجلس ولم يسلم، فقال رسول الله ژ: «ما أوشك ما نسي صاحبكم، إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإذا قام فليسلم، ما الأولى بأحق من الآخرة» (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني). ويشرع لك إذا دخلت بيتا أو مجلسا ليس فيه أحد أن تقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، قال تعالى: (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) (النور:61) وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: «إذا دخل البيت غير المسكون فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» (رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الحافظ ابن حجر). وينبغي للمرء أن يراعي الأدب في سلامه، فلا يرفع صوته بحيث يفزع من حوله، بل يسلم سلاما مسموعا من دون أذية.

أيها المؤمنون:

إن من السنة: أن يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، فعن أبي هريرة ÿ عن النبي ژ قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير» (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية عند البخاري: «يسلم الصغير على الكبير»، ومما يستحب للمسلم: أنه إذا مر على صبيان أن يسلم عليهم، فعن أنس بن مالك ÿ أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: (كان النبي ژ يفعله) (رواه البخاري ومسلم). ومما ينبغي التنبيه عليه ـ أيها الإخوة ـ: أن السلام ليس مقتصرا على من تعرفه دون غيره، فالسلام لعموم المسلمين، فعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلا سأل النبي ژ: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» (رواه البخاري ومسلم).
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله أعظم للمتقين العاملين أجورهم، وشرح بالهدى والخيرات صدورهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفق عباده للطاعات وأعان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خير من علم أحكام الدين وأبان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) (الأحزاب: 70-71).

أيها المباركون:

إن السلام سبب لشيوع المحبة والألفة وحسن المعاملة والعشرة، فعن أبي هريرة ÿ قال: قال رسول الله ژ: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» (رواه مسلم).
قد يمكث الناس دهرا ليس بينهم ود فيزرعه التسليم واللطف

أيها الإخوة:

إن إفشاء السلام له منزلة في الدين سنية، ومرتبة عند رب العالمين علية، وهو من صفات عباد الله المخلصين وأوليائه المتقين، فعن أبي أمامة ÿ قال: قال رسول الله ژ: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام» (رواه أبو داود وحسنه الحافظ ابن حجر).

ولذا فإن أبخل الناس من بخل بالسلام، فعن أبي هريرة ÿ قال: قال رسول الله ژ: «إن أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام» (رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني).

بل إن اليهود قد حسدوكم على السلام، فهنيئا لمن أفشاه بين الأنام، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ژ قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء، ما حسدتكم على السلام والتأمين» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).

وروى البيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب ÿ قال: «ثلاث يصفين عليك من ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحسن أسمائه إليه».

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر. اللهم عليك باليهود الغاصبين، وانتقم من الصهاينة المجرمين، ورد الأقصى الجريح إلى حوزة المسلمين، اللهم كن لأهلنا في فلسطين ناصرا ومعينا، احقن دماءهم واحفظ أعراضهم، وأيدهم بتأييد من عندك، ورد كيد أعدائهم في نحورهم، اللهم احفظ أمير البلاد وولي عهده، ووفقهما لما تحب وترضى، وأصلح لهما البطانة والرعية، واهدهما للحق والصواب، اللهم واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا، سخاء رخاء، دار عدل وإيمان، وأمن وأمان، وسائر بلاد المسلمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى