“انتقام بأثر رجعي”.. قبر القسام وجود ورمزية تقلق إسرائيل

رام الله – تصاعدت التوترات مؤخرًا حول ضريح الشيخ عز الدين القسام في حيفا، بعد تهديدات من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بهدمه. جاءت هذه التهديدات ردًا على الرمزية التاريخية للقسام ودوره في المقاومة الفلسطينية، وأثارت ردود فعل غاضبة من مختلف الأطراف الفلسطينية. وتأتي هذه التهديدات في سياق متصاعد من الإجراءات الإسرائيلية التي تستهدف الرموز الدينية والتاريخية الفلسطينية.
وقالت ابتهال القسام، حفيدة الشيخ، إن هذه التهديدات تعكس خوف إسرائيل من رمزية جدها وتأثيره المستمر على الأجيال الفلسطينية. وأضافت أن القسام ليس مجرد شخص، بل فكرة ومقاومة حية تتجدد باستمرار، مؤكدة أن تأثيره يمتد من فلسطين إلى كامل منطقة الشام. وأعربت عن ثقتها بأن تاريخ الشيخ القسام سيظل يلهِم الفلسطينيين في نضالهم من أجل الحرية والعدالة.
رمزية عز الدين القسام وتصاعد التهديدات الإسرائيلية
تعتبر شخصية الشيخ عز الدين القسام من أبرز رموز المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني والفرنسي في القرن العشرين. وقد قاد القسام كفاحًا مسلحًا في فلسطين حتى استشهاده عام 1935، ليتحول بعد ذلك إلى أيقونة للثورة والمقاومة الفلسطينية. واليوم، تعتبر كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، وهي قوة مؤثرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
يأتي تهديد بن غفير بهدم الضريح بعد اقتحامه لمقبرة الشيخ في حيفا، وإزالة خيمة أقامتها لجنة الوقف الإسلامي، بالإضافة إلى اللافتة التعريفية لتاريخ المقبرة. وقد وصف مراقبون هذه الإجراءات بأنها جزء من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى طمس الهوية الفلسطينية وتشويه تاريخها. هذه الخطوات ليست منفصلة، بل هي جزء من محاولات مستمرة للسيطرة على الرواية التاريخية الفلسطينية.
خلفية تاريخية لضريح الشيخ القسام
تم بناء ضريح الشيخ القسام في مقبرة بلد الشيخ في حيفا بعد استشهاده عام 1935، وشكل منذ ذلك الحين وجهة رئيسية للزيارة والتبرك من قبل الفلسطينيين. تعتبر المقبرة نفسها من أقدم وأهم المقابر الإسلامية في فلسطين، وتضم رفات العديد من الشهداء والمجاهدين. وحاولت السلطات الإسرائيلية في الماضي الاعتداء على المقبرة وتغيير معالمها، لكنها واجهت مقاومة من الفلسطينيين والسلطات المحلية.
وتشير الأدبيات التاريخية إلى أن القسام قاد كفاحًا مسلحًا ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا قبل أن ينتقل إلى فلسطين، حيث واصل مقاومته للاحتلال البريطاني. وكانت وفاته بمثابة شرارة لانطلاق الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936، والتي استمرت لعدة سنوات.
في أعقاب هذه التطورات، انتقد العديد من المراقبين تصريحات بن غفير واعتبروها تحريضية وغير مسؤولة. ورأوا أن هذه التهديدات تهدف إلى تصعيد التوترات وإشعال الصراع. وقد أدان الفلسطينيون هذه التصريحات، مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الأماكن الدينية والتاريخية الفلسطينية.
وصفت ابتهال القسام تهديدات بن غفير بأنها تعبير عن “ضعف وخوف” إسرائيلي، مؤكدة أن رمزية جدها لا تزال قوية ومؤثرة. ودعت الأحرار في العالم إلى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وإنقاذهم من الظلم والمعاناة. كما أكدت أن تركيز الفلسطينيين يجب أن يبقى على نصرة غزة، التي تتعرض لحصار وقصف مستمر.
تداعيات محتملة وتوجهات مستقبلية
يأتي هذا التصعيد في ظل استمرار الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وتزايد الغضب الفلسطيني إزاء الإجراءات الإسرائيلية. ويرى مراقبون أن استهداف الأماكن الدينية والتاريخية الفلسطينية قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وزيادة خطر اندلاع مواجهات جديدة. إضافة إلى ذلك، يثير هذا الأمر تساؤلات حول مستقبل الأماكن الوقفية والأثرية الفلسطينية في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية على هذه التطورات. ومن المحتمل أن يلجأ الفلسطينيون إلى خطوات تصعيدية للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأماكن الدينية والتاريخية. في الوقت نفسه، قد تقوم إسرائيل باتخاذ المزيد من الإجراءات المتطرفة في محاولة لفرض سيطرتها على هذه الأماكن. الأوضاع الحالية تتطلب متابعة دقيقة وتحركًا دوليًا فعالًا لمنع تفاقم الأزمة والحفاظ على السلام والاستقرار.




