انطلاق منتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بالرياض

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض أعمال الدورة الحادية عشرة لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، وسط مشاركة واسعة من قادة العالم وممثلي المنظمات الدولية. يهدف المنتدى، الذي يستمر يومين، إلى تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والأديان، ومواجهة تحديات خطاب الكراهية والتطرف المتزايد حول العالم. وتأتي هذه الدورة في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تصاعدًا في التوترات والصراعات، مما يجعل جهود تعزيز السلام والتسامح أكثر أهمية من أي وقت مضى.
شارك في افتتاح المنتدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بالإضافة إلى عدد من القادة الدينيين والسياسيين. وقد أكد المشاركون على أهمية العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.
أهمية منتدى تحالف الحضارات في مواجهة التطرف
يُعد منتدى تحالف الحضارات مبادرة أممية أطلقت عام 2005 بهدف سد الفجوة بين المجتمعات والثقافات المختلفة. وقد شهد المنتدى على مر السنين تطورات كبيرة في أجندته وأساليب عمله، ليواكب التغيرات المتسارعة في العالم. وتركز الدورة الحالية على استشراف مستقبل المبادرة في ظل عالم يشهد تعدد الأقطاب وتزايد التعقيدات.
كلمات افتتاحية تؤكد على التسامح
في كلمته الافتتاحية، شدد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان على أن استضافة المملكة لهذه الدورة تعكس دعمها المستمر للجهود الأممية في تعزيز قيم التسامح والحوار. وأضاف أن المنتدى يمثل فرصة مهمة لإدارة أفضل السبل لمواجهة انتشار خطاب الكراهية وتزايد التيارات المتطرفة، سواء كانت دينية أو قومية.
من جانبه، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن تعزيز السلام المستدام هو المهمة الأكثر حيوية التي تواجه المجتمع الدولي. وأكد على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة التحديات التي تعيق تحقيق هذا الهدف، مثل الفقر والظلم والتهميش.
كما أكد أمين رابطة العالم الإسلامي محمد العيسى على الشرعية الدولية للقيم الإنسانية التي يقوم عليها العمل الأممي. وأشار إلى أن المنتدى يمثل احتفالًا بمسيرة التحالف الحضاري على مدار العقدين الماضيين، وفرصة لرسم مساره المستقبلي.
مشاركة واسعة وأجندة طموحة
يشهد المنتدى مشاركة واسعة من قادة سياسيين ودينيين، وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، بالإضافة إلى مشاركين من القطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والشباب، وممثلي الفنون والرياضة والإعلام. وتعكس هذه المشاركة الواسعة الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لجهود تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات.
تتمحور أجندة المنتدى حول عدة محاور رئيسية، بما في ذلك دور التعليم والثقافة في تعزيز التسامح، وأهمية الإعلام في مكافحة خطاب الكراهية، وسبل تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة التطرف. بالإضافة إلى ذلك، سيناقش المنتدى التحديات الجديدة التي تواجه عالمنا، مثل التغير المناخي والأمن السيبراني، وكيف يمكن لجهود تحالف الحضارات أن تساهم في مواجهة هذه التحديات.
وتشمل المناقشات أيضًا دور الشباب في بناء جسور التواصل بين الثقافات، وكيف يمكن تمكينهم من لعب دور فعال في تعزيز السلام والتسامح. كما سيتم استعراض أفضل الممارسات في مجال الحوار بين الأديان والثقافات، وتبادل الخبرات والمعرفة بين المشاركين.
نظرة مستقبلية وتحديات مستمرة
مع دخول مبادرة تحالف الحضارات عقدها الثالث، يمثل المنتدى في الرياض فرصة للاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيسها، ورسم مسارها المستقبلي. وتشير التوقعات إلى أن المنتدى سيخرج بتوصيات مهمة تهدف إلى تعزيز فعالية المبادرة في تحقيق أهدافها.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه جهود تعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات، مثل استمرار انتشار خطاب الكراهية والتطرف، وتزايد الانقسامات السياسية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيرات المتسارعة في العالم، وظهور قضايا جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، تتطلب تطوير أساليب عمل جديدة لمواكبة هذه التغيرات.
من المتوقع أن تعلن الأمم المتحدة عن تفاصيل خطة العمل المستقبلية للمنتدى خلال الأشهر القليلة القادمة، مع التركيز على تعزيز الشراكات مع مختلف الجهات الفاعلة، وتوسيع نطاق المبادرة لتشمل المزيد من الدول والمجتمعات. وسيكون من المهم متابعة تنفيذ هذه الخطة، وتقييم مدى فعاليتها في تحقيق أهدافها المنشودة، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية المتزايدة و تأثيرها على السلام العالمي و التفاهم الثقافي.





