باريك للتعدين تستعيد السيطرة على منجم الذهب في مالي بعد تسوية نزاع طويل

أعلنت شركة باريك للتعدين الكندية، وهي واحدة من أكبر شركات تعدين الذهب في العالم، استئنافها السيطرة التشغيلية على منجمها الرئيسي في مالي بعد خلاف استمر نحو عامين مع الحكومة العسكرية في البلاد. يمثل هذا التطور خطوة هامة نحو استعادة الإنتاج الكامل في أحد أهم مصادر الذهب في أفريقيا، ويهدف إلى تعزيز مكانة مالي في سوق الذهب العالمي.
بدأ الخلاف في مطلع العام الجاري عندما علقت باريك عملياتها استجابة لقانون جديد للتعدين أصدرته الحكومة المالية. أدى ذلك إلى تعيين محكمة مالية لإدارة مؤقتة للمنجم في يونيو/حزيران الماضي، مما زاد من حدة التوتر بين الشركة والسلطات. استمرت المفاوضات لفترة طويلة، قبل أن يتم التوصل إلى تسوية في نهاية المطاف.
تسوية باريك المالية و عودة إنتاج الذهب في مالي
تم التوصل إلى تسوية نهائية بين باريك والحكومة المالية في نهاية الشهر الماضي بقيمة تقديرية تبلغ حوالي 430 مليون دولار أمريكي. وشملت التسوية شروطًا تتعلق بتطبيق التشريعات الجديدة و آليات التعويض.
الأسبوع الماضي، أصدر قاضٍ مالي أمرًا بإعادة ثلاثة أطنان من الذهب، تقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار أمريكي، إلى باريك. وكانت السلطات العسكرية قد صادرت هذه الكمية من الذهب مطلع العام الحالي، ونقلتها إلى بنك مركزي في العاصمة باماكو. هذا الإجراء يمثل علامة إيجابية على التحسن في العلاقات بين الشركة والحكومة.
خطط استئناف الإنتاج و إعادة الهيكلة
أكد مدير العمليات في أفريقيا والشرق الأوسط في باريك، سيباستيان بوك، أن استئناف الإنتاج سيكون تدريجيًا. التركيز الأولي سيكون على برامج التدريب الإلزامية للعاملين والمقاولين لضمان الامتثال للمعايير الجديدة و السلامة المهنية.
بالتوازي مع استئناف العمليات في مالي، أعلنت باريك عن خطط لإعادة هيكلة أعمالها بشكل عام، مع التركيز بشكل أكبر على عملياتها في أمريكا الشمالية. تشمل هذه الخطط أيضًا دراسة إمكانية طرح جزء من أنشطتها في أمريكا الشمالية للاكتتاب العام الأولي بقيادة المدير التنفيذي المؤقت مارك هيل.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه قطاع التعدين العالمي تقلبات في الأسعار و زيادة التركيز على المسؤولية الاجتماعية للشركات. كما أن موقع مالي الاستراتيجي كدولة غنية بالموارد الطبيعية يجعلها وجهة جاذبة لشركات التعدين، على الرغم من التحديات السياسية والأمنية المستمرة.
أدى الإعلان عن استئناف السيطرة التشغيلية إلى ارتفاع أداء أسهم باريك بنسبة 1% في بورصة تورونتو، مما يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الشركة على تجاوز هذه الأزمة وإدارة أصولها بفعالية. يشير هذا الارتفاع أيضًا إلى التوقعات الإيجابية بشأن تأثير عودة الإنتاج على الأرباح المستقبلية.
تأثير عودة باريك على الاقتصاد المالي
تمثل عودة باريك إلى العمليات الكاملة في مالي دفعة مهمة للاقتصاد المحلي. تعتبر الشركة مساهمًا رئيسيًا في الناتج المحلي الإجمالي لمالي، وتوفر فرص عمل للعديد من المواطنين. يساهم إنتاج الذهب في زيادة عائدات العملة الأجنبية للبلاد، ويعزز الاستقرار الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، لعبت باريك دورًا هامًا في تطوير البنية التحتية المحلية وتنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات التي تستهدف المجتمعات المحيطة بالمنجم. من المتوقع أن تستمر هذه الجهود في دعم التنمية المستدامة في المنطقة.
من الجدير بالذكر أن قطاع الذهب يلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد المالي، حيث يمثل جزءًا كبيرًا من الصادرات الوطنية. تواجه مالي تحديات في تنويع اقتصادها، وبالتالي فإن الحفاظ على إنتاج الذهب المستقر يعد أمرًا بالغ الأهمية. يُعد استقرار أسعار الذهب في الأسواق العالمية أحد العوامل الثانوية التي تؤثر على الوضع الاقتصادي في مالي.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تركز باريك على تنفيذ خطط إعادة الهيكلة و تدريب القوى العاملة و استعادة مستويات الإنتاج السابقة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المخاطر و عدم اليقين، بما في ذلك استمرار التحديات الأمنية في المنطقة و التطورات السياسية المحتملة في مالي. سيتعين على الشركة و الحكومة المالية مواصلة التعاون و الحوار لضمان استدامة عمليات التعدين و تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الموارد الهامة.





