بدأت الكويت مبادرة ثقافية مبكرة، تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، حيث اعتمدت على جهود فردية في جلب الكتب العربية والأجنبية وترجمتها، مما وضع الأسس لازدهار ثقافي مستمر. وقد تجلى هذا الاهتمام الثقافي في حفل أقيم برعاية الشاعرة الشيخة أفراح مبارك الصباح، تكريماً لضيوف معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ48، بحضور نخبة من الأدباء والمثقفين والسفراء.
بواكير الثقافة في الكويت: مبادرات فردية ورؤية مستقبلية
أشارت الشاعرة الشيخة أفراح مبارك الصباح خلال الحفل إلى أن الدراسات، مثل كتاب الأديب الدكتور خليفة الوقيان “الثقافة في الكويت بواكير واتجاهات”، تؤكد أن جذور الثقافة الكويتية لم تكن مبنية على توجه رسمي في البداية، بل على مبادرات شخصية. فقد كان الكويتيون يستوردون الكتب من مختلف الدول العربية والأجنبية، ويعملون على ترجمتها لنشر المعرفة.
دور المجالس والبيئة البحرية
كانت المجالس والدواوين في الكويت بمثابة مراكز ثقافية نابضة بالحياة، تعج بالكتب والمناقشات الأدبية. كما ساهمت البيئة البحرية للكويت، من خلال الرحلات التجارية والغوص، في توسيع آفاق الكويتيين وتعزيز انفتاحهم على الثقافات الأخرى. هذا الانفتاح ساهم في ترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر في المجتمع الكويتي.
وأكد الحضور على أن الكويت لطالما كانت أرضاً للتقاء الثقافات، وأن هذا التنوع يمثل قوة فريدة في المجتمع. السفير السوداني لدى الكويت، عوض الكريم الريح بلة، أشاد باستعادة الكويت لمجدها الثقافي الذي ازدهر في الخمسينيات والثمانينيات، مشيراً إلى الدور الذي لعبته مجلة العربي في نشر المعرفة والثقافة.
إشادة بدور مجلة العربي والمجلس الوطني للثقافة
السفير الليبي سليمان الساحلي وصف الكويت بأنها “منارة الثقافة والإعلام والفن”، مؤكداً على الأثر الكبير الذي تركته مجلة العربي في نشأته. كما أثنى على الدراسات الأدبية الرائدة للدكتور خليفة الوقيان، واصفاً رسالته عن شعر البحتري بأنها ضرورية لفهم هذا الشاعر العظيم.
الروائية المغربية لطيفة لبصير أعربت عن إعجابها بالمعرض الثقافي، مشيدةً بالترحيب الحار الذي لقيته من الشيخة أفراح الصباح. الكاتب عبد المحسن مظفر أشاد بديوان الشيخة أفراح الجديد “صندوق”، معتبراً أنه تحفة أدبية تتسم بالإنسانية والوفاء.
دعم المبادرات الثقافية وتشجيع الإبداع
من جانبها، باركت الدكتورة فاطمة البودي، مؤسس ومدير دار العين للنشر، للشيخة أفراح الصباح إطلاق ديوانها، وأشادت بجائزة رابطة الأدباء التي ترعاها الصباح، والتي تشجع على الإبداع في مختلف الفروع الأدبية، بما في ذلك الرواية. الكاتب حمزة عليان أكد على أهمية هذه المبادرات الثقافية، مشيراً إلى أن الكويت كانت دائماً محبة للعلم والمعرفة.
وأشارت الشاعرة سعدية مفرح إلى أن هذه الملتقيات الثقافية أصبحت تقليداً راسخاً في معرض الكتاب بالكويت، معربةً عن أملها في استمرار هذا التقليد. وأضافت أن المجالس الثقافية الكويتية لعبت دوراً حيوياً في دعم الأدب والثقافة منذ الخمسينيات.
تأتي هذه الأنشطة الثقافية في سياق رؤية الكويت نحو تعزيز مكانتها كمركز ثقافي إقليمي، وتشجيع السياحة الثقافية. ومن المتوقع أن يستمر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دعم المبادرات الثقافية المختلفة، وتنظيم الفعاليات التي تساهم في إثراء المشهد الثقافي الكويتي. وستركز الجهود المستقبلية على دعم الشباب وتشجيعهم على الإبداع والمشاركة في الحياة الثقافية، بالإضافة إلى مواصلة الحفاظ على التراث الثقافي الكويتي وتعزيزه.
