بالفيديو.. ناصر المحمد: نأمل بمزيد من التعاون الثقافي بين الكويت والدول الفرنكفونية

- الفرنكفونية ثقافة العالم المعاصر تسهم في التنوع بين الثقافات في عالم يتجه نحو العولمة
- الفرنكفونية ليست مجرد وسيلة تواصل بل حاملة لتراث ثقافي ومفاهيم شكلت الوعي الغربي
- الفرنسية لغة ذات مكانة رفيعة لها مميزات جعلتها تؤدي دوراً بارزاً في إثراء الثقافة الغربية
- السفير الفرنسي: 50 ألف طالب يدرسون الفرنسية و500 ألف كويتي يتحدثون بها
أسامة دياب
أكد الرئيس الفخري لمجلس تعزيز الفرنكفونية في الكويت (CPFK) سمو الشيخ ناصر المحمد أهمية الفرنكفونية في دعم الحوار الثقافي وتعزيز التنوع، مبرزا مساهمتها الثرية في ثقافة العالم المعاصر، خصوصا في ظل تسارع العولمة.
جاء ذلك خلال رعايته وحضوره الحفل الختامي بمناسبة انتهاء «شهر الفرنكفونية 2025» في الكويت، الذي أقيم مساء الأربعاء في مقر إقامة السفير الفرنسي بمنطقة الجابرية، وذلك وبمشاركة واسعة من سفراء الدول الناطقة بالفرنسية، وممثلين عن منظمات ثقافية وديبلوماسية.
وأشاد سموه بالمكانة المرموقة للفرنسية كلغة فكر وثقافة، لما تتميز به من رقة ووضوح ومنطق، مؤكدا دورها في الفلسفة والقانون والديبلوماسية، وارتباطها الوثيق بالفنون من شعر وغناء وسينما.
وقال في كلمة ألقاها خلال الحفل «تحية عطرة لكل الحاضرين جميعا في هذا الأمسية الرائقة، من أعضاء السلك الديبلوماسي والسياسيين والأدباء والفنانين ورجال الإعلام، وشكرا جزيلا لكل من أسهم في تنظيم هذا الاحتفال باليوم العالمي للفرنكفونية بالكويت، فهي مناسبة أعتز بها، وحرصت على المشاركة بها طوال السنوات الماضية، تعبيرا عن تقديري وإعجابي بالمساهمة المتميزة للفرنكفونية في ثقافة العالم المعاصر، وما تقوم به من خدمة للحوار وللتنوع بين الثقافات، في عالم يتجه نحو العولمة».
وأضاف سموه أن الفرنسية تعد لغة ذات مكانة رفيعة في عالم الفكر والثقافة، ولها من الخصائص والمميزات ما جعلها تؤدي دورا بارزا في إثراء الثقافة الغربية، فهي لغة تمتاز بالوضوح والدقة، ولذلك عرفت بلغة الدقة المنطقية، مشيرا إلى أن هذا ما جعلها محببة في مجالات الفلسفة والقانون والديبلوماسية، ولقد عزز من دقتها ووضوحها الجهود الكبرى التي بذلتها الأكاديمية الفرنسية (Académie française) منذ القرن السابع عشر لتقنين اللغة.
وذكر سمو الشيخ ناصر المحمد أن الفرنكفونية تتمتع بالجمالية والصوت الموسيقي، لهذا اعتبرت من أجمل اللغات صوتا ونطقا، ما جعلها مرتبطة بفنون الشعر والغناء والرواية، خاصة أنها تميل إلى التراكيب المتوازنة والمتناسقة، وهو ما منحها طابعا رسميا وراقيا، خصوصا في الخطاب السياسي والثقافي، ولديها القدرة على التعبير عن المفاهيم المجردة، مما ساعد على التعبير عن الأفكار الفلسفية المعقدة بلغة مفهومة، وسهل انتشارها في عصر التنوير.
وأشار سموه «أما عن دور الفرنكفونية الذي لعبته في إثراء الثقافة الغربية، فهو دور مميز، خاصة أن اللغة الفرنسية كانت اللغة الرسمية للثقافة الأوروبية منذ القرن السابع عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر، فقد كانت لغة النخب الفكرية والسياسية والديبلوماسية في أوروبا، حتى بين غير الناطقين بها، لذلك استخدمها الملوك، والسفراء، والمفكرون مثلما تستخدم اليوم الإنجليزية والعربية وغيرهما من اللغات».
وأضاف سموه أن الفرنكفونية أيضا كانت لغة الفلاسفة والموسوعيين، فقد كتب بها فولتير Voltaire، وروسو Rousseau، وديدرو Diderot، ومونتسكيو Montesquieu، وباسكال Pascal، وغيرهم من رواد التنوير الأوروبي، ولعبت دورا رئيسيا في نشر أفكار العقلانية، والتسامح، وحقوق الإنسان، مما جعل لها إسهامات في بناء مفاهيم الحداثة، مثل العقد الاجتماعي، والحرية الفردية، وفصل السلطات، مشيرا إلى أن هذه مفاهيم صيغت في أول ظهورها باللغة الفرنسية، قبل أن تترجم إلى بقية لغات أوروبا.
وذكر سمو الشيخ ناصر المحمد أنه «أنتجت اللغة الفرنسية كذلك أدبا ذا طابع عالمي، يشمل الرواية، مثل روايات بلزاك Balzac وفلوبير Flaubert، وادبا مسرحيا مثل مسرح موليير Molière وكورناي Corneille، وشعرا مثل شعر بودلير Baudelaire ورامبو Rimbaud، وهو ما جعل الأعمال المكتوبة بالفرنسية تحظى بأكبر عدد من جوائز نوبل في الأدب، ناهيك عن أثرها في الفنون والموضة والسينما، وخاصة فنون النخبة، بدءا من الرسم والانطباعية، إلى الموضة الباريسية، وإلى السينما الفرنسية الرائدة في الموجة الجديدة La Nouvelle Vague».
وأكد أن الفرنكفونية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل حاملة لتراث ثقافي هائل، ومفاهيم شكلت الوعي الغربي الحديث، ويقال عن الفرنسية إنها «لغة العقل والجمال»، لما تجمعه من أناقة تعبيرية ومنطق فلسفي، وإلى اليوم، لاتزال تستخدم في المحافل الدولية كمصدر للشرعية القانونية والفكرية، خصوصا في منظمات كالأمم المتحدة، ومنظمة الفرنكفونية، ونحن هنا في بلدي الكويت، نسعى إلى أن نمنح كل التسهيلات المطلوبة لكي تجد الفرنكفونية أرضا ثقافية خصبة لها، ففي الكويت نحن حريصون على أن تبقى بلدنا محضنا للثقافة والفنون في هذه المنطقة من العالم، وأن تظل أبوابها ونوافذها مفتوحة لأفضل ما تنتجه ثقافات العالم، لنتعلم منها ونستفيد، وأتمنى أن نرى مزيدا من التعاون الثقافي بين الكويت والدول الفرنكفونية حول العالم خلال السنوات القادمة».
وأكد سموه: نحن نعتز بأن نرى اللغة الفرنسية العريقة والغنية بتاريخها، حاضرة في جميع قارات العالم، من آسيا إلى أفريقيا، مرورا بالأميركتين، من الشمال حيث كندا، إلى الجنوب حيث جمهورية هايتي، كما نجدها أيضا في المحيط الهادئ، لاسيما في كاليدونيا الجديدة (نوميا) Nouvelle-Calédonie (Nouméa) وتاهيتي Tahiti، وكذلك في المحيط الأطلسي، في سان بيير وميكلون Saint-Pierre-et-Miquelon، ونتمنى لها مزيدا من الانتشار والازدهار، حتى تبلغ في يوم ما القطبين الشمالي والجنوبي.
واختتم سموه كلمته قائلا «أود أن أنقل لجميع الشعوب الناطقة بالفرنسية مشاعر الود والاحتفاء، وأشكر سفراء الدول الأعضاء في المنظمة الفرنكفونية المشاركة بهذا الاحتفال على نجاح تنظيم هذه الأمسية، وكل عام وأنتم بخير».
وفي كلمته، أشاد السفير الفرنسي أوليفييه غوفان بنجاح الاحتفال، مشيرا إلى أن نحو 50 ألف طالب كويتي يدرسون الفرنسية سنويا، وأن نحو 500 ألف شخص في الكويت يتحدثون بها، ما يعكس اهتماما متزايدا بالفرنكفونية.
واختتم السفير الفرنسي كلمته باقتباس للأديب الفرنسي لوكليزيو، مؤكدا أن الفرنكفونية فضاء حيوي للحوار والتبادل، ولتلاقي الثقافات في عالم متنوع ومترابط.