بعد تحويل رواتبهم لمساعدات مشروطة.. أهالي الأسرى الفلسطينيين: لسنا متسولين

أثار قرار السلطة الفلسطينية مؤخراً وقف صرف رواتب الأسرى الفلسطينيين وتحويلها إلى نظام “مساعدات اجتماعية مشروطة” عبر مؤسسة “تمكين” ردود فعل غاضبة على نطاق واسع. يعتبر هذا التحول بمثابة مساس مباشر بكرامة الأسرى وتضحياتهم، ومحاولة لإعادة تعريف قضية وطنية مركزية كملف إنساني واجتماعي. وقد أثار القرار جدلاً واسعاً حول حقوق الأسرى ومكانتهم في المجتمع الفلسطيني.
الخطوة أثارت استياءً كبيراً في أوساط أهالي الأسرى، الذين يعربون عن قلقهم بشأن مستقبل أبنائهم وعائلاتهم. وتأتي في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية أوضاعاً اقتصادية صعبة، مما يزيد من المخاوف بشأن تأثير هذا القرار على مستوى المعيشة لدى هذه الفئة. وتشير التقارير إلى أن القرار سيؤثر على مئات العائلات التي تعتمد بشكل أساسي على هذه الرواتب.
أزمة رواتب الأسرى الفلسطينين وتداعياتها
أكد العديد من أهالي الأسرى أن أبناءهم ليسوا مجرد حالات فقر تحتاج إلى مساعدة، بل هم مناضلون سجنوا بسبب مواقفهم الوطنية. ويرون أن القرار يسلب الأسرى وذويهم مكانتهم النضالية ويختزل تضحياتهم في إطار ضيق لا يعكس أهميتها التاريخية. وتشير تصريحاتهم إلى أنهم يعتبرون هذه الرواتب حقاً وطنياً مكتسباً، وليس منة أو صدقة.
وفي تصريحات للجزيرة مباشر، قالت الناشطة المقدسية نسرين أبو غربية، والدة الأسير فادي أبو غربية، إنها من أوائل من تأثروا بقرار قطع الرواتب. وأضافت أن القرار “تعسفي” و”لا يحترم تضحيات الأسرى”. وأوضحت أن المخصصات المالية كانت محدودة أصلاً، وأن وقفها سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لعائلات الأسرى.
التحرك السياسي والاجتماعي الرافض للقرار
أمين شومان، رئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون الأسرى الفلسطينيين، صرح بأن جهوداً مكثفة تبذل على المستويات القيادية المختلفة لحل هذه الأزمة. وأضاف أن القضية تمثل “مسؤولية وطنية” تقع على عاتق الجميع، وأن تصنيف أهالي الأسرى كـ “حالات فقر” هو أمر غير مقبول. وتدعو اللجنة إلى إعادة صرف الرواتب بشكل عاجل.
وتشير التقارير إلى أن القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية قد بدأت في تنظيم فعاليات احتجاجية ووقفات تضامنية مع الأسرى وعائلاتهم. وتطالب هذه القوى السلطة الفلسطينية بالتراجع عن القرار وإيجاد حلول بديلة لضمان حقوق الأسرى. وتعتبر هذه الفعاليات تعبيراً عن الغضب الشعبي والرفض الواسع للقرار.
انتصار محليس، والدة الأسير إسماعيل محليس، عبرت عن رفضها القاطع للتعامل مع قضية الأسرى بمنطق المساعدات الاجتماعية. وأكدت أن “الأسير الفلسطيني ليس متسولاً”، بل هو مناضل ضحى بحريته من أجل وطنه. وشددت على أن الأسرى والشهداء ليسوا حالات خدمة اجتماعية، بل هم رموز وطنية يجب تكريمها والاعتناء بها.
وتواجه السلطة الفلسطينية ضغوطاً مالية كبيرة، مما قد يكون أحد الأسباب الرئيسية وراء اتخاذ هذا القرار. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن هناك خيارات أخرى يمكن استكشافها لتخفيف الأعباء المالية دون المساس بحقوق الأسرى. وتشمل هذه الخيارات البحث عن مصادر تمويل جديدة، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المالية.
الجدير بالذكر أن قضية الأسرى الفلسطينيين تعتبر من القضايا الوطنية المركزية في فلسطين. ويبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أكثر من 4700 أسير، وفقاً لإحصائيات نادي الأسير الفلسطيني. وتعتبر السلطة الفلسطينية مسؤولة عن دعم الأسرى وعائلاتهم، وتوفير كافة الاحتياجات الضرورية لهم. وتشكل هذه القضية جزءاً أساسياً من المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات والتحركات الرافضة لقرار وقف الرواتب في الأيام القادمة. وتترقب الأوساط الفلسطينية رد فعل السلطة الفلسطينية على هذه الاحتجاجات، وما إذا كانت ستتراجع عن قرارها أم ستصر عليه. كما يراقبون عن كثب تطورات الأوضاع المالية للسلطة الفلسطينية، وإمكانية إيجاد حلول بديلة لضمان حقوق الأسرى. وستظل قضية الأسرى الفلسطينيين في صدارة الاهتمامات الوطنية والشعبية في فلسطين.





