بعد تفشيه بشكل مقلق في أمريكا.. هل يهدد فيروس “الهانتا” العالم؟

بدأت الأوساط الطبية والعلمية في الولايات المتحدة تدق ناقوس الخطر بعد رصد تفشي محدود لكن مقلق لفيروس “الهانتا”، وهو فيروس قاتل ونادر ينتقل عبر القوارض، وسط تساؤلات متزايدة عما إذا كنا على أعتاب أزمة صحية جديدة.
فقد أعلنت السلطات الصحية في ولاية أريزونا هذا الأسبوع تسجيل إصابة مؤكدة لأحد موظفي حديقة “غراند كانيون” الوطنية بالفيروس، إثر تعرضه للجزيئات العالقة من فضلات القوارض أثناء عمله في حظائر البغال، لتعيد هذه الحالة الحديث عن خطر فيروس ظل لسنوات يُصنّف كتهديد محدود.
ورغم أن الإصابات بالفيروس في الولايات المتحدة نادرة نسبيًا – إذ تسجل البلاد ما بين 40 و50 حالة فقط سنويًا – فإن العام الجاري شهد زيادة مقلقة في الحالات، حيث تم تسجيل سبع إصابات مؤكدة وأربع وفيات حتى الآن، توزعت بين ولايات أريزونا ونيفادا وكاليفورنيا.
تحوّلات مقلقة في أنماط العدوى
اللافت في التفشي الأخير أن بعض المصابين لم يكونوا ضمن الفئات المعرضة تقليديًا للإصابة، مثل الفلاحين أو العاملين في الحدائق. ففي منطقة “ماموث ليكس” النائية بولاية كاليفورنيا، توفي ثلاثة أشخاص بالفيروس دون أن يمارسوا أنشطة ترتبط عادة بالتعرض المباشر للقوارض أو فضلاتها، مما دفع الباحثين لتوسيع دائرة الفحص الوبائي.
ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فقد تم تسجيل 864 حالة إصابة مؤكدة بفيروس الهانتا في الولايات المتحدة بين عامي 1993 و2022. لكن بيانات جديدة من جامعة فيرجينيا للتكنولوجيا أظهرت وجود أجسام مضادة للفيروس في ستة أنواع جديدة من القوارض، لم تكن معروفة سابقًا كمضيف رئيسي، مما يشير إلى تحوّل محتمل في سلوك الفيروس ونطاق انتشاره.
خطر متزايد ومخاوف من جائحة خفية
وبينما يعتبر فيروس الهانتا مرضًا نادرًا، فإن معدل وفياته مرتفع، إذ يسبب متلازمة تنفسية حادة قد تؤدي إلى تراكم السوائل في الرئتين، ويصل معدل الوفاة إلى نحو 50% من الحالات المصابة. ومع عدم وجود علاج محدد للفيروس، يقتصر التدخل الطبي على دعم الأعراض، مثل توفير الأوكسجين والسوائل والرعاية التنفسية.
الكاتب والباحث العلمي ديفيد كوامن، الذي سبق أن حذّر من ظهور كوفيد-19 قبل وقوعه، نبّه في تصريحات صحفية إلى أن ما يحدث مع فيروس الهانتا “ليس مجرد حالات فردية”، محذرًا من تجاهل إشارات قد تنذر بجائحة خفية في طور التكوّن.
إجراءات وقائية مطلوبة
وفي ظل غياب لقاح أو علاج نوعي، توصي الجهات الصحية باتخاذ تدابير وقائية مشددة، مثل:
تهوية الأماكن المغلقة التي قد تحتوي على فضلات القوارض.
تجنّب كنس أو تنظيف الفضلات الجافة مباشرة.
ارتداء القفازات والأقنعة الواقية عند التعامل مع أماكن مشبوهة.
استخدام المعقمات والمواد المطهرة عند التنظيف.
نظرة عالمية: الصين الأكثر تسجيلًا للإصابات
على الصعيد العالمي، تعتبر الصين الدولة الأعلى من حيث عدد الحالات، حيث تُسجَّل بين 150 ألفًا و200 ألف حالة سنويًا، وذلك بسبب تنوع الأنواع الحاملة للفيروس مقارنة بالولايات المتحدة التي تتركز فيها الإصابات عادة حول فئران الغزلان فقط.
وفي ظل التغيرات البيئية وسلوكيات القوارض المتغيرة، قد تكون هذه بداية لمرحلة أكثر تعقيدًا في التعامل مع فيروسات تنقلها الحيوانات، ما يستدعي استعدادًا صحيًا وبيئيًا أكثر شمولًا.
هل يعيد التاريخ نفسه؟
مع زيادة الحالات وتوسّع انتشار الفيروس بين أنواع جديدة من القوارض، يبقى السؤال المطروح: هل أصبح العالم بالفعل على أعتاب جائحة جديدة من مصدر غير متوقّع؟
الأسابيع القادمة قد تحمل الإجابة.
اطرح سؤالك على ChatGPT
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك