بقاء لوكورنو مرهون بالتنازلات.. «اليمين» يتعهد بإسقاط الحكومة الفرنسية

وسط صراعات سياسية داخلية، يلقي رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، أول خطاب له أمام البرلمان، اليوم (الثلاثاء)، في لحظة تبدو حاسمة لحكومته الجديدة، التي تسعى لتمرير الميزانية واستعادة قدر من الاستقرار السياسي. وكشفت مصادر فرنسية أن مشروع الموازنة الجديد يتضمن 29 إجراء ضريبياً.
وتعهد حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان، واليسار الراديكالي، بإسقاط حكومة لوكورنو من خلال اقتراح حجب الثقة هذا الأسبوع، بغض النظر عما سيقترحه خلال جلسة البرلمان.
تنازلات لإقناع الأحزاب
ويعتمد بقاء لوكورنو السياسي على التنازلات التي سيقدمها اليوم، لإقناع عدد من الأحزاب الأخرى بالامتناع عن التصويت في هذه الجلسات، وإذا فشل سيصبح ثالث رئيس وزراء يُجبر على الاستقالة خلال أقل من عام، ما سيترك أمام الرئيس إيمانويل ماكرون خيارات محدودة، بينها الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة.
وأدت الانتخابات المبكرة العام الماضي وما تلاها من حالة عدم يقين مالي وسياسي، إلى عمليات بيع واسعة للأصول الفرنسية، ما رفع تكاليف اقتراض الدولة مقارنة بنظرائها.
وخلال اجتماع مع الوزراء الجدد، أمس (الاثنين)، قال لوكورنو: مهمتنا الوحيدة هي الارتقاء فوق هذه الأزمة السياسية التي نمر بها، وتجاوزها، إنها أزمة تركت جزءاً من مواطنينا في حالة ذهول، وربما أيضاً جزءاً من العالم يراقبنا.
ويتعرض لوكورنو لضغوط للاستجابة لمطالب تفكيك 8 سنوات من سياسات ماكرون الاقتصادية، في الوقت الذي يحاول فيه خفض العجز وطمأنة المستثمرين.
ويلعب الحزب الاشتراكي دوراً محورياً في تصويت حجب الثقة هذا الأسبوع، إذ يطالب بفرض ضريبة ثروة جديدة، وزيادة الضرائب على الشركات، وتقليص حجم التخفيضات في الميزانية، وتعليق قانون الرئيس الأساسي لعام 2023 الذي يرفع تدريجياً سن التقاعد الأدنى من 62 إلى 64 عاماً.
إصلاح نظام التقاعد
وأصبح إصلاح نظام التقاعد محور النقاش السياسي في الأيام الأخيرة، بينما رفضت الكتلة الوسطية اليسارية حتى الآن عرض الرئيس ماكرون الذي قدّمه (الجمعة)، ويقضي بتأجيل تطبيق الإجراءات بدلاً من تعليقها.
وأعلن زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور، أنه إذا تمسّك باقتراحه، فلن ندخل في أي نقاش حول الميزانية وسنقدم مذكرة حجب الثقة فوراً. لقد حان وقت الاختيار.
من جانبه، أفاد وزير المالية الفرنسي السابق إريك لومبارد، بأنه أوصى لوكورنو بتعليق إصلاح نظام التقاعد، مؤكداً أن وجود ميزانية معتمدة أمر أساسي «لاستقرار اقتصادنا وبلدنا».
ودعم الاقتصادي فيليب أجيون، الحائز على جائزة نوبل هذا الأسبوع والذي قدّم المشورة لماكرون في برنامجه الاقتصادي خلال انتخابات 2017، فكرة تعليق الإصلاح حتى الانتخابات الرئاسية في 2027 لتهدئة الأوضاع.
ولاشك أن أي تراجع من لوكورنو سيختبر دعم ما تبقى من حزب النهضة الوسطي الذي يقوده ماكرون في البرلمان، إلى جانب النواب الوسطيين اليمينيين الذين عارضوا إلغاء إصلاحات نظام التقاعد. وبالرغم أن هذا غير مرجّح، فإن تصويت هؤلاء النواب لصالح مذكرة حجب الثقة قد يؤدي إلى سقوط لوكورنو حتى لو امتنع الاشتراكيون عن التصويت.
ويتعين على لوكورنو التوصل إلى تسويات مع المطالب بتقليل إجراءات التقشف، خصوصاً بعد أن كان الاشتراكيون من بين الكتل التي صوّتت في سبتمبر لإسقاط رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو بسبب خطته لخفض العجز إلى 4.6% من الناتج الإجمالي في عام 2026، مقارنة بـ 5.4% المتوقعة هذا العام.
مشروع الموازنة
ويهدف مشروع الميزانية الذي كشف عنه رئيس الوزراء الجديد، إلى خفض العجز العام إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويتضمّن المشروع فرض ضرائب جديدة، وزيادة بعض الضرائب القائمة، وبعض التخفيفات الضريبية. ومن بين الإجراءات، قد تتم مضاعفة الحوافز المقدمة للتبرعات لصالح الفئات الأكثر فقراً.
ونقلت «لوموند»عن مصادرها أن مشروع قانون المالية، الذي عُرض على مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي (الثلاثاء)، لا يزال في مرحلة أولية ولم يتم اعتماده بشكل نهائي.
ورأى لوكورنو أن الهدف المعلن للعجز العام، (4.7% من الناتج المحلي الإجمالي) يمكن أن يتم تعديله ليقترب من 5%، ما سيسمح مثلاً بامتصاص الأثر المالي لتعليق إصلاح نظام التقاعد، والذي يُقدَّر ببضع مئات من ملايين اليورو في السنة الأولى.
وإذا لم يتم إسقاط المشروع من خلال تصويت بحجب الثقة، فمن المتوقع أن يشهد النقاش حوله زخماً كبيراً. فالمسودة الحالية، التي أعدها لوكورنو انطلاقاً من مشروع سلفه فرانسوا بايرو، تتضمن ما لا يقل عن 29 إجراءً ضريبياً.
وينص المشروع على فرض عدة ضرائب جديدة، منها ضرائب على الأصول «غير المخصصة لنشاط تشغيلي» داخل الشركات القابضة العائلية. وتستهدف هذه الضريبة ما بين 20 إلى 30 ألفاً من هذه الهياكل التي يضع فيها الأثرياء جزءاً من ثرواتهم لتفادي دفع الضرائب طالما أنهم لا يحتاجون إلى هذه الأموال.
أخبار ذات صلة