بلجيكا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالعدل الدولية

قدّمت بلجيكا، يوم الثلاثاء، طلباً رسمياً إلى محكمة العدل الدولية للانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا بشأن اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. يأتي هذا الإجراء في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية وتزايد الضغوط الدولية لوقف القتال والتحقيق في الانتهاكات المزعومة.
وأعلنت المحكمة، وهي أعلى جهاز قضائي تابع للأمم المتحدة، في بيان لها استلامها إشعاراً رسمياً من بلجيكا بالتعبير عن رغبتها في التدخل في القضية، مستندةً بذلك إلى المادة 63 من نظامها الأساسي. يمثل هذا التدخل البلجيكي دعماً إضافياً للجهود المبذولة لمحاسبة إسرائيل على أفعالها في غزة.
تركيز بلجيكا على “نية الإبادة” في قضية الإبادة الجماعية
يركز تدخل بلجيكا بشكل خاص على تفسير مفهوم “نية ارتكاب الإبادة” المنصوص عليه في المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وتعتبر هذه النية عنصراً أساسياً لإثبات جريمة الإبادة الجماعية بموجب القانون الدولي.
تولي بلجيكا، التي اعترفت بدولة فلسطين وفرضت عقوبات على بعض المسؤولين الإسرائيليين، أهمية خاصة لتحديد ما إذا كانت هناك “نية محددة” لدى إسرائيل لإلحاق أذى جسيم بالفلسطينيين بهدف تدميرهم كجماعة. هذا التفسير القانوني قد يكون حاسماً في مسار القضية.
خلفية الدعوى والتحركات الدولية
كانت جنوب أفريقيا قد رفعت دعوى قضائية ضد إسرائيل في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023، متهمةً إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية في أعمالها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. تستند الدعوى إلى الأدلة المتزايدة حول القصف العشوائي والقيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
ومنذ ذلك الحين، انضمت العديد من الدول إلى هذه الدعوى، بما في ذلك تركيا والبرازيل وكولومبيا وأيرلندا والمكسيك وإسبانيا، مما يعكس قلقاً دولياً واسع النطاق بشأن الوضع في غزة. هذه التحركات تعكس أيضاً تزايد الدعوات إلى محاسبة إسرائيل على أفعالها.
في يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً مؤقتاً يدعو إسرائيل إلى الامتناع عن أي أفعال قد تشكل الإبادة الجماعية، وإلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ورغم الطابع الملزم قانوناً لهذا القرار، إلا أن إسرائيل لم تنفذه بشكل كامل.
بالتوازي مع ذلك، تعمل المحكمة الجنائية الدولية، التي تركز على الأفراد، على التحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبت في غزة. وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
الاعتراف بفلسطين وتداعياتها
في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت بلجيكا وفرنسا ودول أخرى اعترافها بدولة فلسطين. يأتي هذا الاعتراف كجزء من جهود دولية أوسع نطاقاً لإيجاد حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. الاعتراف بدولة فلسطين هو خطوة رمزية وسياسية مهمة.
ومع ذلك، تشترط بلجيكا إضفاء الطابع الرسمي على هذا الاعتراف باستبعاد حركة حماس من الحكم في فلسطين. يعكس هذا الشرط المخاوف الغربية بشأن دور حماس في الصراع.
بدأت إسرائيل حربها على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أمريكي، مما أسفر عن مقتل حوالي 71 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 171 ألفاً آخرين، معظمهم من النساء والأطفال. تسببت الحرب في دمار هائل للبنية التحتية في غزة وأدت إلى أزمة إنسانية حادة. الحرب على غزة أثارت جدلاً واسعاً حول القانون الدولي وحقوق الإنسان.
من المتوقع أن تستمر محكمة العدل الدولية في النظر في الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا، مع احتمال عقد جلسات استماع إضافية لتقديم الأدلة والمرافعات. كما ستراقب المحكمة الجنائية الدولية تطورات التحقيق في جرائم الحرب المحتملة. يبقى الوضع في غزة متقلباً، وتعتمد التطورات المستقبلية على العديد من العوامل، بما في ذلك المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار والضغوط الدولية المتزايدة.





