Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تكنولوجيا

تجربة بـ800 دولار تكشف أسرارا عسكرية واتصالات هواتف من الفضاء

كشفت دراسة حديثة عن ثغرات مقلقة في أمن اتصالات الأقمار الصناعية، حيث تبين أن بيانات حساسة، بما في ذلك اتصالات عسكرية وتجارية، تُرسل دون تشفير، مما يجعلها عرضة للتنصت. وقد أثارت هذه النتائج مخاوف بشأن الخصوصية والأمان، ودفعت إلى مطالبات بمراجعة إجراءات الحماية المتبعة في هذا المجال. الدراسة أجراها فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وجامعة ميريلاند.

أظهرت الدراسة أن بيانات متنوعة، مثل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وبيانات تصفح الإنترنت، كانت تُبث عبر الأقمار الصناعية دون أي حماية، مما يعني أنه يمكن لأي شخص يمتلك معدات الاستقبال المناسبة اعتراض هذه البيانات. وقد تم الكشف عن هذه الثغرات باستخدام جهاز استقبال فضائي تجاري بسيط بتكلفة منخفضة نسبياً.

أسرار كثيرة بتكلفة بسيطة

استخدم الباحثون جهاز استقبال للأقمار الصناعية متاحًا تجاريًا بتكلفة 800 دولار فقط، و قاموا بتوجيهه نحو الأقمار الصناعية لالتقاط الإشارات. وبعد أشهر من تحليل تلك الإشارات، تمكنوا من الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات الحساسة. و يمثل هذا الاكتشاف تحذيراً هاماً للشركات والحكومات التي تعتمد على اتصالات الأقمار الصناعية لنقل البيانات.

وكشفت التجربة عن بيانات تخص شركة “تي-موبايل” الأمريكية، وبيانات تصفح من طائرات الركاب، بالإضافة إلى اتصالات من وإلى البنية التحتية الحيوية مثل المرافق الكهربائية ومنصات النفط والغاز، وحتى اتصالات عسكرية بين الولايات المتحدة والمكسيك. وتشمل المخاطر المحتملة تسريب المعلومات الشخصية، والتعرض لتهديدات أمنية، وتعطيل الخدمات الحيوية.

تهديدات تتجاوز الكابلات والألياف البصرية

لطالما اعتقد الخبراء أن الثغرات الأمنية تتركز في نقل البيانات عبر الكابلات والألياف البصرية، حيث تعتبر هذه الوسائل هدفاً رئيسياً لعمليات التجسس والقرصنة. الأمن السيبراني شهد تطورات كبيرة في هذا المجال لكن الدراسة الجديدة تُظهر أن تهديدات الخصوصية والأمان يمكن أن تأتي أيضاً من مصادر غير متوقعة، مثل إشارات الأقمار الصناعية غير المشفرة.

وقال آرون شولمان، أستاذ جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وأحد قادة البحث، إنهم “صُدموا تماماً عندما اكتشفوا أن هناك أجزاءً حيويةً وحساسةً من البنية التحتية تعتمد على هذا النظام الفضائي، وكانت النتائج دائماً هي نفسها: لم تكن مشفرة”. وهذا يثير تساؤلات حول مستوى الحماية الفعلي للبيانات التي يتم نقلها عبر الأقمار الصناعية.

ردود الفعل والحلول الممكنة

بعد الكشف عن هذه الثغرات، تحركت العديد من الشركات والوكالات الحكومية لتشفير اتصالاتها. ومع ذلك، لا يزال البعض الآخر، وخاصةً مشغلي البنية التحتية الحيوية، مترددًا في اتخاذ هذه الخطوة. يرجع ذلك جزئيًا إلى التكلفة العالية لتطبيق التشفير، بالإضافة إلى المخاوف بشأن الأداء والتوافق مع الأنظمة القائمة.

وفيما يتعلق بالاتصالات العسكرية، يشير الخبراء إلى أن استخدام الأقمار الصناعية يوفر تغطية واسعة النطاق، خاصةً في المناطق النائية والمحرومة من الخدمات الأرضية. ومع ذلك، فإن هذه الميزة تأتي مع مخاطر أمنية كبيرة، ويتطلب ذلك تطوير إجراءات حماية أكثر فعالية.

التأثير على الخصوصية والأمن القومي

لا تقتصر تأثيرات هذه الثغرات على الخصوصية الفردية، بل تمتد لتشمل الأمن القومي. فقد كشف الباحثون عن تسرب لبيانات حساسة تتعلق بالجيش والشرطة في المكسيك، بما في ذلك معلومات عن أنشطة تهريب المخدرات وتتبع المعدات العسكرية. وهذا يمثل تهديداً خطيراً لعمليات إنفاذ القانون والأمن الإقليمي.

وتُظهر هذه النتائج الحاجة الماسة إلى تطوير معايير أمنية أكثر صرامة لـاتصالات الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى زيادة الوعي بهذه المخاطر بين الشركات والحكومات. التشفير لا يزال الخطوة الأساسية لحماية البيانات الحساسة، ولكن يجب أيضاً استكشاف تقنيات جديدة، مثل التصديق الذكي والتشفير الموزع.

من المتوقع أن يستمر البحث في هذا المجال للكشف عن المزيد من الثغرات وتطوير حلول جديدة. سيتطلب ذلك تعاوناً وثيقاً بين الباحثين والمهندسين وصانعي السياسات، بالإضافة إلى تخصيص موارد كافية لتطوير وتنفيذ إجراءات الحماية اللازمة. وستكون نتيجة هذه الجهود حاسمة في تحديد مستوى الخصوصية والأمن في عصر الفضاء و الاتصالات اللاسلكية.

وفي الأفق القريب، من المرجح أن تضغط الحكومات والمنظمات الدولية على مشغلي الأقمار الصناعية والشركات التي تعتمد على هذه التقنيات لاعتماد إجراءات حماية أكثر فعالية. قد يشمل ذلك فرض غرامات على الشركات التي لا تلتزم بالمعايير الأمنية، بالإضافة إلى تطوير قوانين جديدة تحكم استخدام اتصالات الأقمار الصناعية. لا تزال التحديات كبيرة، ولكن هناك إدراك متزايد بأهمية حماية البيانات في هذا المجال الحيوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى