تحديات قانونية أمام مساعي ترامب لمساعدة شركات الذكاء الاصطناعي

يواجه الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ويهدف إلى تسهيل تطوير الذكاء الاصطناعي، معارضة قانونية وسياسية متزايدة. يتيح هذا الأمر للوكالات الفيدرالية تحدي قوانين الولايات التي تعتبرها إدارته عائقاً أمام الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى حرمانها من بعض التمويل الفيدرالي، في إطار سعي أميركي لتعزيز تنافسها مع الصين في هذا القطاع التكنولوجي الحيوي.
أصدرت الإدارة الأمر التنفيذي في الرابع عشر من ديسمبر عام 2025، في خطوة تهدف إلى تسريع وتيرة التطوير في مجال الذكاء الاصطناعي على الصعيد الوطني. ويأتي هذا القرار في ظل تزايد المخاوف بشأن قدرة الولايات المتحدة على منافسة الصين، التي تُعد رائدة عالمياً في بعض جوانب الذكاء الاصطناعي. الهدف الأساسي هو إزالة الحواجز التنظيمية التي قد تعيق نمو الشركات العاملة في هذا المجال.
جدل حول سلطات الأمر التنفيذي وتأثيره على الولايات
يُثير هذا الأمر التنفيذي تساؤلات حول مدى صلاحيات الرئيس في التدخل في قوانين الولايات. ويرى خبراء قانونيون أن الإدارة قد تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ هذا الأمر، خاصة في ظل وجود قوانين معمول بها لحماية خصوصية المستهلك وحقوق الأفراد.
كما أن التهديد بحجب التمويل الفيدرالي، وتحديداً مبلغ 42 مليار دولار مخصص لتحسين جودة الإنترنت عريض النطاق، يثير انتقادات واسعة. فقد يعرض هذا الإجراء المناطق الريفية النائية للخطر، حيث تعتمد هذه المجتمعات بشكل كبير على هذا التمويل لضمان الوصول إلى خدمات الإنترنت الحديثة.
انتقادات سياسية ودعم من شركات التكنولوجيا
لكن، الأمر ليس مجرد صراع قانوني. يُعد هذا القرار انتصاراً لشركات التكنولوجيا الكبرى، التي طالما دعت إلى تخفيف القيود التنظيمية على تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذه الشركات ترى أن القوانين الفردية لكل ولاية تتسبب في تعقيدات وتكاليف إضافية.
في المقابل، يرى العديد من المشرعين في الولايات أن هذا الأمر يمثل تعدياً على سلطاتهم الدستورية. ويستندون في ذلك إلى مبدأ الفصل بين السلطات، الذي يضمن للولايات الحق في سن قوانينها الخاصة بما يتناسب مع احتياجاتها وظروفها.
يذكر أن المناطق الريفية تصوت بشكل كبير لصالح ترامب، حيث بلغت نسبة المصوتين له في تلك المناطق 69% في الانتخابات الأخيرة، مما يزيد من حدة الانتقادات حول التأثير المحتمل لحجب التمويل على هذه المناطق.
التداعيات القانونية المحتملة
يُعتبر أحد أهم التحديات القانونية التي تواجه الأمر التنفيذي هو التدخل المحتمل في قوانين التجارة بين الولايات. ويرى خبراء أن وزارة العدل قد تواجه صعوبات في تبرير هذا التدخل أمام المحاكم، خاصة في ظل وجود سوابق قضائية ترفض التدخل في قوانين الخصوصية على مستوى الولايات.
بالإضافة إلى ذلك، هناك نقاش حول ما إذا كانت الوكالات الفيدرالية لديها الصلاحية القانونية لتحدي قوانين الولايات بشكل مباشر. وحسب جويل ثاير، رئيس معهد التقدم الرقمي، فإن إدارة ترامب قد تفتقر إلى الأدوات القانونية اللازمة لتنفيذ هذا الأمر بشكل كامل. ويُشير إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى معارك قضائية طويلة الأمد بين الحكومة الفيدرالية والولايات.
الجدل حول الذكاء الاصطناعي يتزايد عالميًا مع تزايد الاعتبارات الأخلاقية المتعلقة باستخدام البيانات وحقوق الخصوصية. العالم يراقب عن كثب كيفية تعامل الولايات المتحدة مع هذا التحدي، حيث أن قراراتها قد يكون لها تأثير كبير على مستقبل هذا القطاع التكنولوجي المهم. كما يثير الأمر أسئلة حول مستقبل العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات في تنظيم التكنولوجيا.
من الجوانب الأخرى، يشير البعض إلى أن تركيز الإدارة على الذكاء الاصطناعي قد يكون على حساب قضايا أخرى مهمة، مثل البنية التحتية التقليدية والأمن السيبراني. ويرون أن هناك حاجة إلى تحقيق توازن بين الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة وتلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع.
الخطوات المقبلة والمستقبل
من المتوقع أن تقوم الولايات المتضررة بتقديم طعون قانونية فورية ضد هذا الأمر التنفيذي. وستركز هذه الطعون على المسائل الدستورية المتعلقة بصلاحيات الرئيس وتدخل الحكومة الفيدرالية في قوانين الولايات. تعتبر هذه القضية ذات أهمية كبيرة للمشهد القانوني والتنظيمي في الولايات المتحدة.
من المرجح أيضاً أن يشهد الكونغرس مناقشات حول هذا الأمر، وقد يسعى بعض المشرعين إلى سن تشريعات جديدة تحدد بشكل واضح سلطات الرئيس في مجال تنظيم التكنولوجيا. الوضع الحالي غير واضح، ومن الصعب التنبؤ بالنتيجة النهائية.
سيكون من المهم متابعة التطورات القانونية والسياسية في هذا الملف عن كثب، بالإضافة إلى مراقبة رد فعل شركات التكنولوجيا والمجتمع المدني. من المتوقع أن يكون لهذا الأمر تأثير كبير على مستقبل تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.





