تحذير عالمي من تصاعد الهجمات على القطاع الصحي السوداني في 2025

أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها العميق إزاء التصعيد الحاد في الهجمات على الرعاية الصحية في السودان، والتي تعيق بشدة وصول السكان إلى الخدمات الطبية الأساسية وتعرّض حياة العاملين في القطاع الصحي للخطر. وتشير البيانات إلى زيادة ملحوظة في هذه الهجمات منذ بدء النزاع في أبريل 2023، مما يفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد. هذه التطورات تثير مخاوف جدية بشأن مستقبل النظام الصحي في السودان وقدرته على الاستجابة للاحتياجات المتزايدة.
تزايد العنف ضد مرافق الرعاية الصحية في السودان
وفقًا لبيان صادر عن منظمة الصحة العالمية، فقد تم التحقق من وقوع 201 هجوم على المرافق الصحية في السودان منذ بداية الصراع. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل 1858 شخصًا وإصابة 490 آخرين. وتشير الإحصائيات إلى أن عام 2025 شهد وحده 65 هجومًا، مما أدى إلى أكثر من 1620 حالة وفاة و276 إصابة، وهو ما يمثل أكثر من 80% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الهجمات على الرعاية الصحية التي وثقتها المنظمة عالميًا خلال نفس الفترة.
تأثير الهجمات على العاملين الصحيين
أكد الدكتور شبل صهباني، ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس بعثتها في السودان، أن هذه الهجمات أصبحت أكثر فتكًا وتصاعدًا، مما يقوض بشكل كبير القدرة على تقديم الرعاية الصحية في وقت الحاجة الماسة إليها. وأضاف أن العاملين الصحيين يواصلون تقديم الخدمات بشجاعة وتفانٍ في ظل ظروف صعبة للغاية، لكنهم بحاجة ماسة إلى الحماية من العنف.
آخر الحوادث الموثقة وقع في 14 ديسمبر الجاري، حيث قُتل تسعة من العاملين الصحيين وأُصيب 17 آخرون في هجوم استهدف مستشفى في الدلنج بولاية جنوب كردفان. تعتبر الدلنج مركزًا إداريًا وصحيًا رئيسيًا للمجتمعات المحيطة، حيث يقدم العاملون الصحيون خدمات إحالة حيوية.
الأسباب الكامنة وراء استهداف الرعاية الصحية
لم تُحدد منظمة الصحة العالمية بشكل قاطع الجهات المسؤولة عن هذه الهجمات، لكنها تشير إلى أن العنف المستمر بين الأطراف المتنازعة يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية ويجعل المرافق الصحية أهدافًا سهلة. الرعاية الصحية، بحكم طبيعتها، غالبًا ما تكون موجودة في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، مما يزيد من خطر تعرضها للقصف أو الاستهداف المباشر.
بالإضافة إلى ذلك، يساهم نقص الاحترام للقانون الإنساني الدولي وعدم محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات في استمرار هذه الممارسة. الوضع الصحي في السودان يتدهور بسرعة، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتوقف العديد من الخدمات الأساسية.
تداعيات أوسع نطاقًا على النظام الصحي
تؤدي هذه الهجمات إلى تعطيل عمل المستشفيات والمراكز الصحية، مما يمنع السكان من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، بما في ذلك خدمات الطوارئ والرعاية الأمومية والطفولة. كما أنها تؤدي إلى نزوح العاملين الصحيين وتفاقم النقص في الكوادر الطبية المؤهلة. الأزمة الإنسانية في السودان تتطلب استجابة عاجلة ومنسقة من المجتمع الدولي.
يعاني النظام الصحي السوداني بالفعل من ضعف بنيته التحتية ونقص الموارد، وقد أدى النزاع إلى تفاقم هذه المشاكل بشكل كبير. وفقًا لتقارير وزارة الصحة السودانية، فإن أكثر من 70% من المستشفيات في المناطق المتضررة من النزاع قد توقفت عن العمل أو تعمل بطاقة محدودة.
الجهود الدولية والاستجابة الإنسانية
تعمل منظمة الصحة العالمية والشركاء الإنسانيون الآخرون على تقديم الدعم للنظام الصحي السوداني، بما في ذلك توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وإعادة تأهيل المرافق الصحية المتضررة، وتدريب العاملين الصحيين. ومع ذلك، فإن الوصول إلى المناطق المتضررة يظل تحديًا كبيرًا بسبب الوضع الأمني المتدهور.
دعت منظمة الصحة العالمية إلى وقف فوري للهجمات على الرعاية الصحية واحترام القانون الإنساني الدولي. كما دعت إلى توفير الحماية للعاملين الصحيين والمرافق الصحية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
من المتوقع أن تستمر منظمة الصحة العالمية في مراقبة الوضع عن كثب وتقديم الدعم اللازم للنظام الصحي السوداني. سيتم التركيز على جمع المزيد من البيانات حول الهجمات على الرعاية الصحية وتوثيقها، والدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. يبقى الوضع في السودان غير مؤكد، ويتطلب مراقبة مستمرة وتقييمًا للاحتياجات المتغيرة.





