Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

تحرك أميركي بين دمشق وقسد.. هل اقترب موعد الحسم؟

دمشق- لم تبدُ التحركات الأميركية الأخيرة بين دمشق وعمّان مجرد جولات دبلوماسية عابرة، بل أقرب إلى اختبار لمدى استعداد الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لاستئناف المفاوضات وفتح صفحة جديدة.

وظهر وفد أميركي رفيع يزور العاصمتين محملا برسائل مزدوجة في توقيت سياسي بالغ الحساسية. ففي دمشق، التقى الوفد الاثنين الماضي في القصر الجمهوري بالرئيس السوري أحمد الشرع، وضم مبعوث الولايات المتحدة توم براك والسيناتور جين شاهين وعضو الكونغرس جو ويلسون، حيث ناقشوا مستجدات الأوضاع في سوريا والمنطقة وسبل تعزيز الحوار والتعاون.

وتزامن هذا اللقاء مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية إزالة لوائح العقوبات المفروضة على سوريا من مدونة القوانين الفدرالية، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ في اليوم نفسه، وسط ترحيب رسمي من دمشق.

محطة فارقة

وبعيدا عن الأضواء، انعقد اجتماع آخر في العاصمة الأردنية عمّان، الثلاثاء الماضي، جمع الوفد ذاته مع قائد قسد مظلوم عبدي والقيادية في مجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، لمناقشة استمرار الدعم الأميركي لهم ومكافحة الإرهاب، وسبل تعزيز اتفاقية 10 مارس/آذار الماضي الموقعة بين دمشق وقسد، بحسب وسائل إعلام تابعة للإدارة الذاتية.

واعتبر مراقبون أن هذه الاتفاقية محطة فارقة في العلاقة بين الطرفين، إذ ترسم خطوطا عامة لوقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والتمهيد لعملية سياسية انتقالية. ورغم أنها لم تُطبق بالكامل، فإنها تظل مرجعا أساسيا في أي حوار لاحق.

ومجلس سوريا الديمقراطية هو الهيئة السياسية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في شمال شرقي سوريا، تأسس في 10 ديسمبر/كانون الأول 2015 ويشكل مع قسد الإدارة الذاتية للمنطقة.

ويطرح التحرك الأميركي الأخير أكثر من سؤال، هل تمهّد الولايات المتحدة لمسار تفاوضي جديد بين دمشق وقسد؟ أم إنها تختبر قدرتهما على التوصل إلى تسوية سياسية محتملة قبل أي خطوة أكثر جرأة؟

يعتقد خبراء تحدثوا للجزيرة نت أن واشنطن تهدف من خلال الزيارة إلى ضبط التوازن بين دمشق وقسد، ومنع انفجار جديد قد يهدد الاستقرار النسبي خصوصا في ظل الضغوطات الإقليمية وتصاعد التوتر الإسرائيلي، مما يجعلها حريصة على إبقاء الأوضاع تحت مراقبة دقيقة.

من جانبه، يرى المحلل السياسي بسام السليمان أن الولايات المتحدة باتت تعتبر أن دمشق نقطة بداية لأي مسار مستقبلي في سوريا، وأن عليها أن تضمن لنفسها موقعا ونفوذا هناك. وقال للجزيرة نت إن الضغوط الإقليمية “مثل تركيا والسعودية وقطر” دفعت واشنطن نحو هذا التوجه.

وقد يفتح غياب الاستقرار -وفقا له- الباب أمام عودة النفوذ الإيراني أو الروسي، وهو ما تخشاه واشنطن.

أهداف واشنطن

من جهته، يقول وليد جولي الباحث في مركز الفرات للدراسات بالقامشلي إن التحرك الأميركي الأخير يعكس خشية من تفجر صراع جديد، “بسبب سياسات الإقصاء التي تبنتها دمشق منذ البداية، من المؤتمرات الحوارية إلى الانتخابات الأحادية”، محذرا من أن أي تصعيد قد يمنح تنظيم الدولة الإسلامية فرصة للعودة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير إلى أن واشنطن تسعى لتسريع مسار الدمج بين دمشق وقسد رغم الخلافات حول الشكل والآلية، لتوفير إطار سياسي وأمني يضمن استقرارا نسبيا قبل أي انهيار محتمل.

أما الكاتبة والباحثة هديل عويس المقيمة في واشنطن، فترى أن الهدف الأساسي للولايات المتحدة هو تجنّب الصدام بين دمشق وقسد، لكنها تلفت إلى أن “المطبخ الأميركي” نفسه منقسم حول كيفية إدارة العلاقة بين الطرفين، إلى:

  • تيار في الكونغرس ووزارة الدفاع (البنتاغون) يريد الحفاظ على قسد كذراع أساسية لمكافحة الإرهاب.
  • تيار آخر يرى أنه من دون ترتيب العلاقة مع دمشق ستبقى الإنجازات الأميركية هشة.

وأضافت عويس للجزيرة نت أن الهدف الإستراتيجي لأميركا يتمثل في منع عودة تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة. ومن هذا المنظور، يعتبر صانعو القرار أن أي ضغط مفرط لإجبار قسد على الاندماج مع الجيش السوري قد يؤدي إلى إخفاق سياسي وأمني، ولا سيما بعد سنوات من الاستثمارات الأميركية الكبيرة في هذه القوات، مما يجعل واشنطن حذرة في رسم الخطوط النهائية للتسوية.

وبدأت علاقة الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية في 2014، حين دعمت واشنطن قسد عسكريا في مواجهة تنظيم الدولة، وقدمت لها تدريبا وتمويلا وأدوات استخباراتية، لتصبح شريكا أساسيا في محاربة الإرهاب شمال وشرق سوريا، مما أتاح لها السيطرة على مساحات واسعة من البلاد.

لقاء عمّان

اتسم لقاء العاصمة الأردنية بين الوفد الأميركي ومظلوم عبدي بالغموض، إذ لم يرشح عنه سوى إشارات عامة عن إعادة ترتيب المشهد السوري. لكن بحسب عبد الوهاب خليل، ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في دمشق، فإن قسد أعادت على الطاولة مطالبها الجوهرية وتتمثل في:

  • وقف إطلاق النار.
  • الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
  • التمهيد لعملية سياسية انتقالية وطنية تكفل حقوق جميع المكونات.
  • تثبيت حقوق الأكراد كشعب أصيل.
  • ضمان عودة النازحين والمغيبين.

ويكشف خليل للجزيرة نت أن هذه المطالب جرى تأكيدها مجددا خلال الاجتماع الأخير في عمّان، خاصة بعد أحداث السويداء والساحل السوري وما صاحبها من تدخلات دولية وإقليمية.

ويضيف أن المبعوث الأميركي توم براك أعاد رسم موقف واشنطن بشكل أكثر وضوحا، مؤكدا أن سوريا “بحاجة إلى نظام يضمن حقوق كافة المكونات ويزيل هواجس الطوائف والقوميات، مع الإشارة إلى أن اللامركزية قد تكون الحل الأنسب لضمان ذلك”.

يرى المحلل بسام السليمان أن المشهد يوحي بمحاولة أميركية لصياغة اتفاق شامل بين دمشق وقسد، لكنه يحذر من أن “قسد ما زالت تميل للمماطلة لكسب الوقت، بينما تصر دمشق على تنفيذ بنود اتفاقية 10 مارس/ آذار”.

أما الباحث وليد جولي فيشير إلى أن النقاش الأميركي لم يقتصر على المطالب فقط، بل شمل عرض رؤية الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا لمستقبل البلاد وحقوق المكونات، مع التركيز على الشكل اللامركزي للدولة لضمان أمن وسلامة الجميع.

ورغم ذلك، ترى الباحثة هديل عويس أن الخطوات الأميركية الحالية تميل إلى خفض التصعيد وليس إلى التوصل لاتفاق شامل، في ظل غياب تصور واضح عن الشكل النهائي لأي تسوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى