ترامب هدد بضربها.. إنتاج الكوكايين يصل مستويات قياسية في كولومبيا

تواجه كولومبيا تحدياً كبيراً في مكافحة تجارة الكوكايين، حيث تدمر قوات الأمن مختبرات تصنيع المخدرات بوتيرة متسارعة، لكن الإنتاج لا يزال مرتفعاً. يعزى ذلك إلى عوامل جغرافية واقتصادية معقدة، بالإضافة إلى ضعف سيطرة الدولة على المناطق الحدودية الوعرة، مما يتيح للعصابات الإجرامية استمرار نشاطها. هذا الوضع يثير قلقاً دولياً، خاصةً مع الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة.
وبحسب تقارير إعلامية من إقليم كوكوتا، الواقع على الحدود الكولومبية الفنزويلية، تستغل عصابات المخدرات الغابات الكثيفة والتضاريس الوعرة لتوسيع نفوذها والتهرب من سلطة القانون. وتُظهر الإحصائيات الرسمية أن كولومبيا تدمر مختبراً لتصنيع المخدرات كل 40 دقيقة تقريباً، ومع ذلك، لا يزال إنتاج الكوكايين يمثل مشكلة مستمرة.
تحديات مكافحة تجارة الكوكايين في كولومبيا
أكد العقيد ليباردو أوخيدا، من شرطة كوكوتا، على جهودهم في تدمير مختبرات معالجة كلوريد الكوكايين. وخلال الأسبوع الماضي، تمكنت الشرطة من مصادرة 11 كيلوغراماً من الكوكايين يُعتقد أنها كانت متجهة إلى فنزويلا. هذه العمليات تعكس التصعيد في جهود مكافحة المخدرات، لكنها لا تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة.
وتسعى الحكومة الكولومبية جاهدة للحد من هذه التجارة، وذلك في ظل الانتقادات والتهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض عقوبات أو حتى تدخل عسكري إذا لم تتوقف كولومبيا عن تصدير المخدرات إلى الولايات المتحدة. وقد دعا الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره الأمريكي لزيارة كولومبيا للاطلاع على الجهود المبذولة.
العوامل الجغرافية والاقتصادية
يرى خبراء في مكافحة المخدرات أن الطبيعة الجغرافية لكولومبيا، بما في ذلك غابات الأمازون المطيرة والمناطق الجبلية الوعرة، تسهل على عصابات المخدرات إخفاء عملياتها وتجنب الكشف عنها. بالإضافة إلى ذلك، تلعب الظروف الاقتصادية الصعبة دوراً هاماً، حيث يجد العديد من المزارعين في زراعة الكوكايين مصدراً للدخل الوحيد المتاح لهم.
وتشير تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى أن المساحات المزروعة بالكوكايين في كولومبيا بلغت 253 ألف هكتار في عام 2023، مما أنتج حوالي 2600 طن من الكوكايين، وهو ما يمثل جزءاً كبيراً من إجمالي الإنتاج العالمي الذي بلغ 3708 أطنان. وتتركز هذه الزراعة بشكل خاص في أقاليم مارينيو وكوكا وبوتوما يو وشمال سانتندير، وخاصة منطقة كاتاتومبو.
تجارة الكوكايين ليست مجرد مشكلة أمنية، بل هي أيضاً قضية اجتماعية واقتصادية معقدة. فالفقر والبطالة والافتقار إلى الفرص الاقتصادية تدفع الكثيرين إلى الانخراط في هذه التجارة غير القانونية. ووفقاً لتقارير، تعرض الحكومة الكولومبية على المزارعين مبالغ تتراوح بين 400 و450 دولاراً شهرياً مقابل اقتلاع مزروعات الكوكايين، لكن العديد منهم يعتبرون هذا المبلغ غير كافٍ لتأمين معيشة كريمة.
الحلول المقترحة ومستقبل مكافحة المخدرات
على الرغم من الجهود الأمنية المتواصلة، يرى الصحفي الكولومبي كريستيان إريرا أن هذه الجهود غير كافية، لأنها لا تقدم بدائل حقيقية للفلاحين ولا تعالج الجذور الاجتماعية لاقتصاد الكوكايين. ويؤكد إريرا على ضرورة تبني استراتيجية شاملة تتضمن برامج تنمية اقتصادية واجتماعية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للمزارعين وتوفير فرص عمل بديلة.
ويشير العقيد كارلوس فيادييغو، الذي لديه 28 عاماً من الخبرة في مكافحة عصابات المخدرات، إلى أن الحلول الأمنية وحدها لن تقلل من مساحات زراعة الكوكايين. فالغابات الكولومبية الواسعة أصبحت تحت سيطرة جماعات إجرامية منظمة، بما في ذلك الجماعات الإرهابية السابقة والمليشيات المسلحة، القادرة على زراعة وإنتاج وتهريب الكوكايين إلى الأسواق الدولية.
ويعتقد فيادييغو أن القصف الجوي أو العمليات العسكرية المباشرة ليست حلاً فعالاً، لأن مختبرات تصنيع المخدرات بدائية وغير مكلفة، ويمكن إعادة تشغيلها بسرعة بعد تدميرها. ويركز على أهمية تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول الأخرى المتضررة من تجارة المخدرات.
في الختام، تظل مكافحة تجارة الكوكايين في كولومبيا تحدياً معقداً يتطلب جهوداً متواصلة وشاملة. من المتوقع أن تستمر الحكومة الكولومبية في تنفيذ عمليات أمنية لمصادرة المخدرات وتدمير المختبرات، مع التركيز أيضاً على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على التعاون الدولي ومعالجة الأسباب الجذرية للمشكلة، بما في ذلك الفقر والطلب العالمي على الكوكايين. من المهم مراقبة التطورات في هذا الملف، خاصةً فيما يتعلق بالاستجابة الأمريكية للجهود الكولومبية، وتأثير برامج التنمية على المجتمعات المحلية.




