ترامب يعاود انتقاد باول ويسعى لتعيين رئيس للفدرالي يخفض الفائدة

28/6/2025–|آخر تحديث: 20:07 (توقيت مكة)
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمس الجمعة- أنه سيعيّن رئيسا لمجلس الاحتياطي الفدرالي يكون مؤيدا لخفض أسعار الفائدة، مما أثار تساؤلات جدية عن مستقبل استقلالية المؤسسة النقدية الأكثر تأثيرا في العالم.
وقال ترامب خلال لقائه بالصحفيين: “إذا شعرت أن شخصا ما سيبقي على أسعار الفائدة كما هي، فلن أعيّنه. سأختار شخصا يريد خفض الفائدة، وهناك كثير منهم”، في تأكيد مباشر على عزمه استبدال رئيس المجلس الفدرالي الحالي جيروم باول بشخص أقرب إلى توجهاته السياسية والاقتصادية.
“بغل عنيد” و”شخص غبي”
وفي تصعيد لافت، وصف ترامب باول بأنه “بغل عنيد” و”شخص غبي” خلال مؤتمر صحفي على هامش قمة قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) قبل أيام، مضيفا أن “لدينا شخصا في الفدرالي لا يفهم ما يحدث. معدل ذكائه منخفض بالنسبة لما يقوم به”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأميركي تباطؤا واضحا في مؤشرات الإنفاق والاستهلاك، مع تراجع التضخم في مايو/أيار الماضي، حسب بيانات نشرت الجمعة، لكن من دون أن يمنح هذا التراجع الضوء الأخضر الفوري للفدرالي (البنك المركزي الأميركي) لاتخاذ قرار بخفض الفائدة.
متى يكون موعد التغيير؟
ورغم أن ولاية باول تنتهي في مايو/أيار 2026، فإن ترامب يخطط لقطع الطريق مبكرا. فقد لمَّح وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى أن الرئيس قد يعلن اسم المرشح الجديد خلال أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني المقبلين، بهدف توليه المنصب في يناير/كانون الثاني مع افتتاح المقعد التالي في مجلس الإدارة.
لكن بيسنت حاول تقليل وقع التصريحات بقوله -في مقابلة مع “سي إن بي سي”- إن “هناك احتمالا أن يُعيّن الرئيس (ترامب) رئيسا جديدا (للمجلس) في يناير/كانون الثاني، لكن الأمور لم تُحسم بعد”.
هل الفدرالي في مأزق؟
وتاريخيا، تمسّكت المؤسسات الأميركية بمبدأ “استقلالية الفدرالي” عن أي تدخل سياسي مباشر، لكن ترامب نسف هذا السياق مجددا، كما فعل سابقا في ولايته الأولى، بإطلاق حملة ضغوط على باول لتخفيض الفائدة بحجة أن السياسة النقدية الراهنة ترفع من تكلفة الاقتراض الحكومي.
وكان المجلس الفدرالي قد أبقى الأسبوع الماضي على أسعار الفائدة ضمن النطاق 4.25%–4.5%، مشيرا إلى أنه يتوقع خفضها بواقع نصف نقطة مئوية بحلول نهاية 2025، بشرط تراجع الضغوط التضخمية المرتبطة بالرسوم الجمركية.
لكن مسؤولي المجلس حذّروا في تصريحات منفصلة هذا الأسبوع من التسرّع، مشيرين إلى أن “المزيد من البيانات ضرورية للتأكد من أن الرسوم لن تخلق تضخما طويل الأمد”، مما قلّل التوقعات بخفض قريب في اجتماع يوليو/تموز المقبل.
وفي شهادة علنية لدى لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأميركي، أكد باول -الأسبوع الماضي- أن البنك المركزي سيواصل نهجه الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة، مرجعا ذلك إلى الضبابية المحيطة بآثار الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنها ترامب في أبريل/نيسان الماضي، والتي تُعرف إعلاميا باسم “يوم التحرير”.
وقال باول في شهادته إن السياسة النقدية يجب أن تركز على ضبط التضخم، مؤكدا: “نحن لا نُعلّق على السياسة التجارية، لكن عندما تكون لهذه السياسات آثار تضخمية قصيرة أو متوسطة الأجل، فإننا نركّز على استباق تداعياتها على الأسعار”.
جدل يتوسع… وأسئلة مفتوحة
الانتقادات الحادة التي وجهها ترامب لباول فتحت الباب واسعا أمام سجال دستوري واقتصادي:
- هل ستُقوّض هذه الضغوط استقلالية الفدرالي مستقبلا؟
- هل ستكون قرارات السياسة النقدية رهينة النزاعات السياسية؟
- هل سيوافق الكونغرس على تعيين رئيس “مُطيع” لرغبات ترامب في خفض الفائدة مهما كانت الظروف؟
وفي هذا السياق، قالت الخبيرة الاقتصادية ماري وليامز من جامعة جورجتاون إن “التدخل السياسي العلني في عمل الفدرالي يقوّض مصداقية السياسة النقدية الأميركية أمام الأسواق العالمية”، محذرة من أن “العوائد القصيرة الأجل قد تأتي على حساب استقرار طويل الأمد”.