ترامب يفوز بالنسخة الأولى لجائزة فيفا للسلام

منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جائزته الأولى من نوعها، والتي تحمل اسم “جائزة فيفا للسلام”، للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وذلك خلال حفل قرعة بطولة كأس العالم 2026. وقد أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعاً وتساؤلات حول معايير اختيار الفائز بهذه الجائزة الجديدة، خاصةً في ظل الانتقادات الموجهة لسجل ترامب في مجال حقوق الإنسان. وتعتبر هذه الجائزة بمثابة مبادرة جديدة من فيفا لتعزيز السلام من خلال كرة القدم.
جرت مراسم القرعة في مركز كينيدي للفنون بواشنطن العاصمة، حيث حضر ترامب وتسلم الجائزة من جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم. ويأتي هذا التكريم في سياق استعدادات الولايات المتحدة وكندا والمكسيك لاستضافة النسخة المقبلة من كأس العالم، والتي ستشهد مشاركة 48 منتخباً للمرة الأولى في تاريخ المسابقة. وتعد هذه الجائزة بمثابة بادرة دبلوماسية مثيرة للجدل.
جائزة فيفا للسلام: خلفية وتداعيات
أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم عن إطلاق “جائزة فيفا للسلام” بهدف تكريم الأفراد الذين قدموا مساهمات استثنائية في تعزيز السلام والمصالحة في المجتمعات حول العالم. وتأتي هذه المبادرة كجزء من التزام فيفا بالمسؤولية الاجتماعية واستخدام قوة كرة القدم لإحداث تغيير إيجابي. لكن اختيار دونالد ترامب كأول فائز بالجائزة أثار تساؤلات حول مدى توافق هذا الاختيار مع أهداف الجائزة المعلنة.
وقال إنفانتينو خلال حفل القرعة، الذي نقلته قناة “بي إن سبورتس”، إن ترامب “استحق جائزة فيفا للسلام بكل تأكيد”، مشيداً بجهوده في تحقيق الاستقرار والسلام على الصعيد الدولي. في المقابل، علق ترامب قائلاً: “أنقذنا حياة الملايين وتجنبنا العديد من الكوارث، وتمكنا من تحقيق السلام بين باكستان والهند، ونجحنا في تجاوز التحديات.. جياني يقوم بعمل رائع وأنا أعرفه من زمن طويل”.
ردود الفعل والانتقادات
لم يخلُ الإعلان عن الجائزة من ردود فعل متباينة. فقد أعربت بعض الأطراف عن دعمها لهذه الخطوة، معتبرة أنها تعكس تقدير فيفا للدور الذي يلعبه ترامب في تعزيز السلام. ومع ذلك، واجهت الجائزة انتقادات حادة من منظمات حقوقية ودبلوماسية، اعتبرت أن ترامب لم يكن الشخص الأنسب لتكريم بهذه الجائزة، نظراً لسياساته المثيرة للجدل.
انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية هذه الجائزة، مشيرةً إلى أنه لا توجد إجراءات شفافة لاختيار الفائزين، ولا معايير واضحة تحدد من يستحق هذا التكريم. وقالت مينكي ووردن، مديرة هيومن رايتس ووتش، في تصريحات صحفية، إن الجائزة تبدو وكأنها “هدية” من فيفا لترامب، دون أي اعتبار لسجله في مجال حقوق الإنسان. كما أعرب متحدث باسم “مراسلون بلا حدود” عن قلقه بشأن إمكانية تقييد وصول الصحفيين إلى الولايات المتحدة خلال بطولة كأس العالم.
وتأتي هذه الانتقادات في ظل تزايد المخاوف بشأن وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خاصةً فيما يتعلق بقضايا الهجرة واللاجئين. ويرى البعض أن منح ترامب جائزة السلام يتعارض مع القيم الإنسانية التي يفترض أن يتبناها الاتحاد الدولي لكرة القدم. وتشير التقارير إلى أن سياسات ترامب خلال فترة رئاسته أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في العديد من المناطق حول العالم.
تأثير الجائزة على صورة فيفا
من المرجح أن يكون لهذه الجائزة تأثير كبير على صورة الاتحاد الدولي لكرة القدم. فقد يرى البعض أن فيفا تسعى إلى استغلال الحدث الرياضي الكبير لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية، دون أي اعتبار للمبادئ الأخلاقية والإنسانية. بينما قد يرى آخرون أن فيفا تحاول ببساطة بناء علاقات جيدة مع الحكومات المضيفة لبطولة كأس العالم.
ومع ذلك، فإن هذه الجائزة قد تثير تساؤلات حول مدى استقلالية فيفا وقدرتها على اتخاذ قرارات موضوعية، بعيداً عن أي ضغوط سياسية أو خارجية. ويجب على فيفا أن تكون حريصة على توضيح معايير اختيار الفائزين بهذه الجائزة، وأن تضمن أن تكون هذه المعايير شفافة وعادلة. كما يجب عليها أن تأخذ في الاعتبار الآراء والانتقادات الموجهة إليها، وأن تتعلم من أخطائها.
من المتوقع أن يعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم عن تفاصيل إضافية حول معايير اختيار الفائزين بجائزة فيفا للسلام في الأشهر المقبلة. ويجب على المراقبين أن يتابعوا هذه التطورات عن كثب، وأن يراقبوا مدى التزام فيفا بالقيم الإنسانية والأخلاقية. كما يجب عليهم أن يراقبوا تأثير هذه الجائزة على صورة فيفا وعلى علاقاتها مع المنظمات الحقوقية والدبلوماسية. وستكون بطولة كأس العالم 2026 فرصة مهمة لتقييم مدى نجاح فيفا في تحقيق أهدافها المعلنة من خلال هذه المبادرة الجديدة.





