أعلنت وزارة الدفاع التركية اليوم عن تقدم كبير في الصناعات الدفاعية التركية، حيث بدأت في تصنيع أول غواصة محلية الصنع، بالإضافة إلى إتمام أول صفقة لبيع سفينة حربية لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى رومانيا. يأتي هذا الإعلان في إطار جهود تركيا المتزايدة لتعزيز استقلالها في مجال الإنتاج العسكري وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وقالت الوزارة في بيان لها، إن إدارة المصانع العسكرية وأحواض بناء السفن (أسفات) قد أبرمت اتفاقية مع وزارة الدفاع الرومانية لتصدير سفينة حربية. وتعد هذه الصفقة الأولى من نوعها لتركيا مع دولة عضو في الناتو، مما يعكس الثقة المتزايدة في القدرات الدفاعية التركية.
تطور الصناعات الدفاعية التركية
يشهد قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، مدفوعًا باستثمارات حكومية كبيرة وجهود لتطوير التكنولوجيا المحلية. وقد ارتفعت صادرات هذا القطاع بشكل كبير، لتصل إلى أكثر من 7 مليارات دولار في عام 2024، مقارنة بـ 2.2 مليار دولار في عام 2020، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة الأناضول.
هذا التطور لم يقتصر على الصادرات فحسب، بل ساهم أيضًا في تعزيز الاقتصاد التركي بشكل عام. فقد ساهمت الصناعات الدفاعية بنحو 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وشكلت صادراتها حوالي 2.7% من إجمالي الصادرات التركية التي بلغت 262 مليار دولار.
الغواصة المحلية “ميلدن”
بدأ بناء أول كتلة اختبارية للغواصة الوطنية التركية “ميلدن” في قيادة ترسانة قولجوك البحرية. تعتبر هذه الغواصة خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التكنولوجيا البحرية، وستساهم في تعزيز الأمن البحري لتركيا. لم يتم الكشف عن تفاصيل فنية محددة حول الغواصة، ولكن يُتوقع أن تكون مجهزة بأحدث الأنظمة والتقنيات.
المدمرة البحرية “تي إف – 2000”
بالتزامن مع بدء تصنيع الغواصة “ميلدن”، أعلنت تركيا عن بدء بناء الكتلة الأولى من المدمرة البحرية للدفاع الجوي “تي إف – 2000”. وستشكل هذه المدمرة جزءًا أساسيًا من منظومة الدفاع الجوي التركية الشاملة، والتي تهدف إلى حماية الأجواء التركية من التهديدات المختلفة. يعزز هذا المشروع القدرات التركية في مجال بناء السفن الحربية المتطورة والاستراتيجية.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة توترات جيوسياسية متزايدة، مما يؤكد على أهمية الاستثمار في الصناعات الدفاعية وتعزيز القدرات العسكرية للدول. وتسعى تركيا إلى أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في مجال الصناعات الدفاعية في المنطقة والعالم. وتُعد صفقة السفينة الحربية مع رومانيا دليلًا على نجاح هذه الجهود.
تتوسع تركيا في مجالات أخرى تتعلق بالدفاع، بما في ذلك إنتاج الطائرات بدون طيار وأنظمة الرادار المتقدمة. هذه الاستثمارات تهدف إلى تقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأجنبية وتعزيز القدرات المحلية في هذا المجال الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المشاريع تساهم في توفير فرص عمل جديدة وزيادة الدخل القومي.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تشهد تركيا المزيد من التقدم في مجال الصناعات الدفاعية، مع التركيز على تطوير تقنيات جديدة وزيادة القدرات الإنتاجية. وتعتبر إتمام تصنيع الغواصة “ميلدن” والمدمرة “تي إف – 2000” من أهم الأهداف التي تسعى تركيا إلى تحقيقها في هذا المجال. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه هذا القطاع، مثل ارتفاع تكاليف البحث والتطوير والمنافسة الشديدة من الشركات الأجنبية.
