تريليون دولار تعتزم السعودية استثمارها في أميركا فما أبرز القطاعات؟

تعهدت المملكة العربية السعودية برفع حجم استثماراتها في الولايات المتحدة لتصل إلى تريليون دولار، وذلك خلال لقاءات رفيعة المستوى بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن. يمثل هذا التعهد زيادة كبيرة عن خطط الاستثمار السابقة التي كانت تقدر بحوالي 600 مليار دولار، ويأتي في إطار سعي السعودية لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، وتوسيع نطاق الاستثمار الأجنبي في مختلف القطاعات.
التقى الأمير محمد بن سلمان بقادة شركات أمريكية كبرى، أمس الأربعاء، في منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي بالعاصمة واشنطن، حيث تم عرض ومناقشة مجموعة واسعة من الفرص الاستثمارية المحتملة. وتركزت المناقشات على تعزيز التعاون في مجالات رئيسية مثل الطاقة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، والدفاع، بالإضافة إلى استكشاف إمكانية دخول شركات أمريكية إلى السوق السعودي المتنامي.
قطاع الطاقة والتعاون النووي
أعلنت الولايات المتحدة والسعودية عن اتفاق تعاون نووي يهدف إلى تطوير البنية التحتية للطاقة النووية السلمية في المملكة. يمهد هذا الاتفاق الطريق لشراكة طويلة الأمد، مع التأكيد على الالتزام بمعايير السلامة والأمن النوويين، وضمان عدم انتشار الأسلحة النووية، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الطاقة الأمريكية.
أوضحت الوزارة أن الاتفاق يتضمن بنودًا تضمن تطبيق معايير صارمة لمنع انتشار الأسلحة، وأن التعاون سيركز على تطوير التقنيات النووية السلمية للاستخدامات المدنية. وكان التقدم في هذا الاتفاق معقدًا بسبب مخاوف أمريكية بشأن إمكانية تطوير المملكة لبرنامج تخصيب يورانيوم، وهو ما أكد وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت أنه غير مسموح به بموجب الاتفاق.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة أرامكو السعودية عن توقيع 17 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أمريكية كبرى بقيمة إجمالية محتملة تزيد عن 30 مليار دولار. تشمل هذه الاتفاقيات مجالات متنوعة مثل تطوير حقول النفط والغاز، وتصنيع المعدات، وتقديم الخدمات الاستشارية، مما يعكس عمق التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة.
استثمارات في قطاع المعادن
في خطوة تهدف إلى تنويع سلاسل التوريد وتعزيز المرونة الاقتصادية، وقعت الولايات المتحدة والسعودية إطار عمل للتعاون في قطاع المعادن. يهدف هذا الإطار إلى زيادة الاستثمار في مشاريع استكشاف وإنتاج المعادن في المملكة، وتوفير الوصول إلى مصادر المعادن الاستراتيجية للشركات الأمريكية.
أعلنت شركة إم.بي ماتيريالز عن خططها لتأسيس مصفاة للمعادن الأرضية النادرة في السعودية بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية وشركة التعدين العربية السعودية (معادن). يأتي هذا المشروع في سياق الجهود العالمية لتقليل الاعتماد على الصين في مجال المعادن الأرضية النادرة، والتي تعتبر ضرورية لتصنيع مجموعة واسعة من المنتجات التكنولوجية.
الذكاء الاصطناعي وتعزيز التكنولوجيا
وقعت الولايات المتحدة والسعودية مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه المذكرة إلى تبادل الخبرات والمعرفة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتطوير تطبيقات مبتكرة في مختلف القطاعات، مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والنقل.
وبموجب الاتفاقية، ستحصل المملكة على إمكانية الوصول إلى أحدث التقنيات والابتكارات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، مما سيعزز قدراتها في هذا المجال الحيوي. أعلنت شركة إنفيديا، الرائدة في مجال تصنيع وحدات معالجة الرسوميات، أنها تعمل مع السعودية لبناء أجهزة كمبيوتر عملاقة لدعم أبحاث وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
صفقات دفاعية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية
شهدت الزيارة أيضًا توقيع اتفاقية دفاعية استراتيجية بين البلدين، تتضمن اتفاقًا على بيع السعودية طائرات مقاتلة من طراز إف-35، بالإضافة إلى 300 دبابة أمريكية. تعتبر هذه الصفقة بمثابة تحول كبير في السياسة الأمريكية، حيث كانت هناك قيود سابقة على بيع هذه الطائرات إلى دول في المنطقة.
تأتي هذه الخطوة في إطار سعي الولايات المتحدة لتعزيز قدرات المملكة الدفاعية، ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة في المنطقة. وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة الأخرى في الشرق الأوسط التي تمتلك طائرات إف-35، مما قد يؤثر على ميزان القوى الإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الاتفاقية تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنظيم التدريبات العسكرية المشتركة. وتركز هذه الجوانب على تعزيز الشراكة الأمنية الاستراتيجية بين البلدين، وضمان استقرار المنطقة.
من المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم لطائرات إف-35 والدبابات الأمريكية في السنوات القادمة، وستشكل هذه الصفقات إضافة كبيرة إلى القدرات العسكرية السعودية. وسيراقب المراقبون عن كثب تأثير هذه الصفقات على ميزان القوى الإقليمي، وتطورات الأوضاع الأمنية في المنطقة. من المرجح أن تبدأ المباحثات التفصيلية بشأن تفاصيل التسليم والجدول الزمني في الأسابيع القليلة القادمة.





