تفاصيل تفاعل الأردن ميدانيا مع الهجوم الإسرائيلي على إيران

مراسلو الجزيرة نت
عمّان- ما إن بدأت إسرائيل بشن هجماتها الجوية المباشرة على أهداف عسكرية ونووية إيرانية -في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة- حتى شرع الأردن باتخاذ سلسلة من الإجراءات الطارئة لحماية أمنه القومي وضمان سلامة مواطنيه، حيث وجد نفسه أمام تحدٍ أمني إقليمي معقد نظرا لموقعه الجغرافي الحساس، وتجاوره مع مناطق النزاع المباشر.
وبدأت الحكومة الأردنية باتخاذ الاحتياطات الأمنية والعسكرية الرامية إلى تعزيز قدرات الردع ورفع الجاهزية على مختلف المستويات، إضافة إلى التعامل الحذر مع تداعيات الصراع المتسارع بين إسرائيل وطهران.
وأعلنت هيئة تنظيم الطيران المدني إغلاق أجواء المملكة بشكل مؤقت، وتعليق حركة الطيران أمام جميع الطائرات الآتية والمغادرة والعابرة، حتى ساعة متأخرة من مساء اليوم، تحسبا لأي مخاطر قد تنتج جراء التصعيد الحاصل في المنطقة.
جاهزية عالية
صرح مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية بأن طائرات سلاح الجو الملكي وأنظمة الدفاع الجوي اعترضتا، صباح اليوم، عددا من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي دخلت المجال الجوي للمملكة.
وجاء ذلك في بيان على لسان مصدر ورد فيه أن “طائرات سلاح الجو الملكي تعمل وفق درجة عالية من الجاهزية لحماية سماء المملكة الأردنية الهاشمية، والحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين”.
وأضاف المصدر ذاته أن عملية الاعتراض جاءت استجابة لتقديرات عسكرية بحتمية سقوط صواريخ وطائرات مسيّرة في الأراضي الأردنية، ومنها مناطق مأهولة بالسكان مما قد يتسبب بخسائر، في الوقت الذي بدأت فيه طائرات سلاح الجو بتنفيذ دوريات وطلعات جوية مكثفة على امتداد المناطق الحدودية بهدف مراقبة الأجواء ورصد أي محاولات لاختراق المجال الجوي الأردني من أي طرف كان.
في حين أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني أن “المملكة لم ولن تسمح باختراق أجوائها ولن تكون ساحة حرب لأي صراع” وشدد في بيان صحفي على أن “أمن الوطن خط أحمر، وأنه لن يُسمح بتعريض أمن المملكة وسلامتها وسلامة مواطنيها للخطر”.
وقد دوت صفارات الإنذار في العاصمة عمّان والعديد من المناطق. وبحسب مديرية الأمن العام، فإن إطلاق الصفارات يهدف لتنبيه المواطنين في حال دخول أي صواريخ أو مسيّرات الأجواء الأردنية وحثهم على الالتزام بالتعليمات. وأهابت الأجهزة الأمنية بالمواطنين عدم التجمهر في الشوارع أو الاقتراب من أي أجسام ساقطة أو التعامل معها لحين وصول الفرق المختصة.
وأوضحت هذه الأجهزة أن الصفارات لتمييز المواطنين بينها، ومعرفة متى يبدأ الخطر ومتى يزول. ووفق المعلومات التي نشرها الأمن العام، فإن للواحدة نغمتين اثنتين إحداهما تعلن الخطر، والأخرى زواله.
ظرف حساس
وعن كيفية تعامل الأردن الرسمي مع التداعيات المحتملة لبدء الهجوم الإسرائيلي على طهران، والرد الإيراني بعد ذلك، قال الخبير العسكري والأمني جلال العبادي إن المطلوب من المملكة في “هذا الظرف الحساس وهذه البقعة الجغرافية الملتهبة، الدفاع عن سيادتها وأمنها وحدودها البحرية والبرية والجوية”.
وأضاف للجزيرة نت “نحن معرضون لدخول طائرات حربية أو مسيّرات عسكرية سواء من جهة الشرق أو الغرب، حيث يستخدم الاحتلال الإسرائيلي مقاتلات “إف-16” والإيرانيون يستخدمون الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الفرط صوتية التي يصعب إيقافها أو استهدافها حال اختراقها الأجواء الأردنية.
واستدرك “لكن باستطاعتنا التعامل مع الطائرات المسيّرة التقليدية التي عادة ما تكون محملة بـ10إلى 25 كيلوغراما من المتفجرات”.
وأهاب العبادي بالأردنيين التعامل مع المستجدات الطارئة بكثير من الجدية “لأننا أمام حرب بين طرفين لا يستهان بهما” لافتا إلى أن الطائرات الحربية الإسرائيلية لم تخترق الأجواء الأردنية إلى الآن، بل إنها اختارت الطيران فوق الجولان السوري المحتل ومن ثم باتجاه الأراضي العراقية وصولا للأهداف الإيرانية.
ومن غير المستبعد -برأيه- أن يكون الرد الإيراني على الضربات الإسرائيلية من فوق الأجواء الأردنية، مبينا أن المملكة لديها من القدرات الذاتية ومن الجاهزية العسكرية القادرة على حماية الوطن.
مخاوف
في المقابل، أثار الإعلان الإسرائيلي عن وقف تشغيل حقل الغاز البحري “ليفياثان” -وهو الأكبر شرق المتوسط- المخاوف بشأن أمن التزود بالغاز في المنطقة، وخاصة بالنسبة للأردن، حيث يشير الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي أن المملكة تعتمد على الحقل لتغطية نحو 97% من حاجتها من الغاز المستورد عبر شركة “شيفرون” الأميركية.
وقال الشوبكي للجزيرة نت إن هذا التوقف الطارئ يستدعي تحركا حكوميا سريعا من خلال إعلان حالة طوارئ فنية في قطاع الطاقة، باعتبار أن الظرف الحالي استثنائي وغير تقليدي، ويتطلب جاهزية غير اعتيادية في مواجهة احتمالات قد تتصاعد في ظل التوترات الإقليمية.
وقلل من احتمالات حدوث انقطاعات وشيكة في التيار الكهربائي داخل الأردن، مشيرا إلى أن المنظومة الكهربائية الوطنية تتمتع بمستوى عالٍ من الجاهزية والمرونة. واستدرك أن التحدي الأبرز يتمثل في ارتفاع التكاليف التشغيلية، خاصة في حال اضطرت شركة الكهرباء إلى استخدام بدائل أعلى تكلفة، مثل زيت الوقود الثقيل أو الغاز المسال المستورد عبر ميناء العقبة.