Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

تفاصيل خريطة طريق “طموحة” عرضها رئيس الاتحاد الأفريقي الجديد

أديس أبابا- في أول لقاء إعلامي له بعد توليه رئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، أعلن محمود علي يوسف عن ملامح جديدة للمنظمة الأفريقية حول عدد من الملفات الحيوية، بدءًا من تمويل الاتحاد ذاتيًا، مرورًا بتسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الأفريقية، ووصولا إلى تطوير الذكاء الاصطناعي، وانتهاءً بالمواقف الحازمة تجاه الأزمات الجارية وعلى رأسها السودان وفلسطين.

وشهد اللقاء الذي عقد -اليوم الاثنين- في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حضورا متنوعا لوسائل الإعلام الأجنبية وممثلي مراكز الأبحاث الأفريقية، بالإضافة للقيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي.

وتلا رئيس المفوضية الأفريقية بيانه الافتتاحي، وعرّج فيه على كافة الملفات الحيوية، ثم تم فتح باب الأسئلة، فتنقل يوسف في إجاباته بين اللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية.

محمود علي يوسف دعا إلى تفعيل اتفاق منح أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن الدولي مع حق النقض (الجزيرة)

أولوية الملف المالي

تعزيز الاستقلال المالي للاتحاد كان أول الملفات، حيث أعلن رئيس المفوضية عن توجه إستراتيجي لتقليل الاعتماد على الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي، عبر آليات تمويل ذاتية تشمل فرض ضريبة بنسبة 0.2% على الواردات المؤهلة، كإسهامات قانونية من الدول الأعضاء.

وأوضح يوسف أن 17 دولة تطبق حاليا هذه الآلية، وأنه وجّه رسائل إلى وزراء المالية في الدول غير المطبقة لحثهم على الانضمام، مشيرًا إلى أن ميزانية الاتحاد للعام الماضي بلغت نحو 600 مليون دولار، منها 300 مليون من الشركاء الدوليين، وهو ما اعتبره تمويلا غير مستدام في ظل تغير أولويات المانحين.

كما كشف عن مبادرات جديدة لتعزيز التمويل المحلي، أبرزها سندات المغتربين الأفارقة التي تستهدف أكثر من 95 مليار دولار من التحويلات السنوية، وفرض ضريبة قارية على التجارة الإلكترونية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى دراسة إنشاء صندوق ثروة سيادي لتعزيز الاستقرار المالي على المدى الطويل.

وأشار يوسف إلى أن الشراكات الخارجية ستستمر، لكن من منطلق الملكية الأفريقية وضمن إستراتيجية تقوم على الشراكة لا التبعية، كما أكد أن “تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يمثل أولوية إستراتيجية للاتحاد هذا العام، باعتبارها المشروع الرائد لتحقيق التكامل الاقتصادي في القارة”.

وأوضح أن جهود التوجه الإصلاحي ستتركز هذا العام على إجراءات إزالة الحواجز غير الجمركية، واستكمال قواعد المنشأ، وتحسين البنية اللوجستية وأنظمة الدفع.

رئيس المفوضية الافريقية يكشف عن خريطة طريق جديدة
رئيس المفوضية شدد على أهمية تفعيل حضور القارة على المستوى الدولي (الجزيرة)

مشاريع طموحة

وفي سياق التحول الرقمي، أوضح يوسف أن الاتحاد يعمل على تطوير إستراتيجية قارية شاملة للذكاء الاصطناعي، تهدف إلى معالجة التحديات التي تعيق الاستفادة الكاملة من هذه التقنية، وفي مقدمتها:

  • ضعف الوصول للكهرباء، حيث يفتقر أكثر من 580 مليون أفريقي للطاقة الثابتة.
  • ضعف الاتصال بالإنترنت، إذ لا تتجاوز نسبة التغطية في المناطق الريفية 35%.
  • تركز مراكز البيانات في عدد محدود من المدن الكبرى.

وقال إن الإستراتيجية الجديدة تقوم على إدماج المجتمعات الريفية، واعتماد البيانات واللغات الأفريقية، والانطلاق من منظومة أخلاقية تستند إلى القيم المحلية، إلى جانب دعم مراكز أبحاث الذكاء الاصطناعي ومراكز الابتكار الرقمي، وتعزيز دمج هذه التقنية في التعليم والخدمات العامة.

وعلى صعيد العلاقات الدولية، كشف يوسف أن الاجتماع الثالث لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي المقرر عقده يوم 21 من الشهر الجاري، سيركز على تجديد التعاون في مجالات السلام والأمن والحوكمة، عبر دعم مبادرات يقودها الأفارقة، وتعزيز مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية.

وأكد أن الجانبين سيعملان على تحسين التنسيق في منع النزاعات وإعادة الإعمار، وتعزيز الحوكمة الديمقراطية وسيادة القانون، إلى جانب إطلاق شراكة جديدة في مجال الهجرة تقوم على المسؤولية المتبادلة وتوسيع المسارات القانونية للتنقل، بما في ذلك توقيع اتفاقيات ثنائية لتنقل العمالة، وتسهيل وصول العمال والمهنيين والطلاب الأفارقة إلى أسواق العمل والتدريب في أوروبا ضمن برامج تنقل منسقة بين الاتحادين.

وفي هذا الإطار الدولي المتصاعد، شدد رئيس المفوضية على أهمية تفعيل حضور القارة الدولي، خصوصًا في مجموعة العشرين وقمم المناخ ومنتديات التعاون العالمي، مجدّدًا الدعوة لإصلاح نظام الحوكمة الدولية بما يضمن تمثيلًا عادلًا لأفريقيا.

كما دعا إلى تفعيل “توافق إزولويني” الذي يطالب بمنح أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن الدولي مع حق النقض، مشيرًا إلى دعم الولايات المتحدة لهذا المطلب نهاية عام 2024، وحاثًا بقية القوى الدولية على تبني الموقف ذاته.

التطورات الإقليمية

وحول تطورات الأوضاع في السودان، أدان يوسف الهجمات التي استهدفت ميناء بورتسودان، وشدد على رفض الاتحاد الأفريقي لتعدد الحكومات أو أي تدخل خارجي في الشأن السوداني، مؤكدًا أن الحل يجب أن يكون بقيادة سودانية خالصة، ضمن إطار المبادرة الأفريقية.

ودعا إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات للمدنيين، محذرًا من أن التدخلات الخارجية تعقّد المشهد وتعرقل فرص الحل، ومؤكدًا رفض المفوضية لأي تدخل أجنبي، مع دعمها الكامل للحلول التفاوضية التي يقودها الاتحاد.

وفي سياق التحولات السياسية بالقارة، أشار يوسف إلى أن بعض الدول الأفريقية أحرزت تقدمًا في مسار الانتقال الديمقراطي، مشيدًا بالتجربة الغابونية، داعيًا الدول التي شهدت تغييرات غير دستورية إلى أن تحذو حذو الغابون للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة.

و حول ملف العدالة المناخية، وجه يوسف انتقادات للسياسات الأوروبية التي تعيق دخول المنتجات الأفريقية إلى الأسواق، من خلال إجراءات كالتكيّف الكربوني وقوانين مكافحة إزالة الغابات، معتبرا إياها أدوات حمائية أكثر من كونها بيئية.

وأشار إلى أن أفريقيا لا تتلقى تعويضًا عادلا عن مساهمتها في حماية البيئة العالمية، رغم امتلاكها لغابات تُعد رئة الكوكب، داعيًا إلى نظام أكثر عدالة في توزيع عائدات أرصدة الكربون، وواصفًا الجهود الحالية بأنها غير كافية لمكافأة القارة على تضحياتها.

القضية الفلسطينية لم تكن بعيدة عن اللقاء الإعلامي، حيث قال يوسف إنها تعتبر “قضية مقدسة” لدى الاتحاد، مشددًا على أن موقف الاتحاد الأفريقي تجاه حقوق الشعب الفلسطيني لم  يتغير، وظل ثابتًا وداعمًا على مدى سنوات طويلة.

وأعرب عن إدانته الشديدة لما وصفه بـ”الإبادة الجماعية والتطهير العرقي” التي يتعرض لها السكان المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته الإنسانية والقانونية، واتخاذ خطوات فورية لوقف هذه الجرائم والتهجير المنظم الجاري حاليًا في القطاع.

واعتبر يوسف أن ما يحدث في غزة “يتجاوز كونه مجرد مأساة إنسانية، بل يشكل تحديًا لمصداقية القانون الدولي”، وأضاف “إذا كان هناك قانون دولي فعلًا، وإذا كنا نريد الحفاظ عليه، فلا بد أن نبدأ بحماية الشعب الفلسطيني، وإعادة الحقوق المسلوبة منه منذ عقود طويلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى