تنسيق أم تصعيد.. هل تفتح زيارة نتنياهو لأميركا الباب لحرب إقليمية جديدة؟

تتجه الأنظار إلى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة، والتي بدأت أمس الأحد، وسط زخم سياسي ودبلوماسي كبير. وتأتي هذه الزيارة في ظل تطورات حرجة فيما يتعلق بالحرب في قطاع غزة، واحتمالات التصعيد الإقليمي مع إيران ولبنان. وتشكل هذه الزيارة اختبارًا لقدرة واشنطن، بقيادة دونالد ترامب، على التأثير في السياسات الإسرائيلية، خاصةً فيما يتعلق بمسار العملية السياسية.
وفي هذا السياق، صرح الكاتب والمحلل السياسي محمد سطوحي، من نيويورك، بأن الزيارة تحمل في طياتها عددًا كبيرًا من الملفات المعقدة، مما يثير تساؤلات حول إمكانية مناقشتها بعمق خلال لقاء واحد بين نتنياهو وترامب. وتشمل هذه الملفات قضايا أمنية واقتصادية وسياسية حساسة تتطلب دراسة متأنية.
ملفات رئيسية في زيارة نتنياهو
أشار سطوحي إلى أن نتنياهو يجري سلسلة من اللقاءات التمهيدية مع مسؤولين أميركيين قبل اجتماعه بترامب. ومع ذلك، تشير التسريبات إلى وجود توتر في علاقته مع بعض كبار المسؤولين في واشنطن، الذين يتهمونه بتعطيل اتفاق غزة. كما وردت أنباء عن فتور في علاقته بوزير الخارجية ماركو روبيو، على الرغم من أن سطوحي رجح بقاء روبيو أقرب إلى إسرائيل بسبب توجهاته اليمينية.
وبحسب التحليلات، يركز جدول أعمال الزيارة على ملفين رئيسيين. الأول يتعلق بإمكانية حصول إسرائيل على دعم أميركي لشن ضربة عسكرية محتملة ضد إيران، خاصةً بعد نشر منظومة “الشعاع الحديدي” للدفاع الصاروخي بالليزر. والثاني يتمحور حول الوضع في غزة، بما في ذلك الحديث عن إقامة مستوطنات جديدة شمال القطاع تحت غطاء “مواقع عسكرية”.
تداعيات محتملة على غزة
يرى مراقبون أن إقامة مستوطنات جديدة في غزة قد تعكس عدم وجود نية إسرائيلية للانسحاب من القطاع، بل على العكس، قد يكون الهدف هو استكمال مخطط تهجير السكان الفلسطينيين. ويثير هذا السيناريو مخاوف جدية بشأن مستقبل العملية السلمية في المنطقة.
المرحلة الثانية من اتفاق غزة
من جهته، أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي أن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة يصب في مصلحة القطاع، لكنه شدد على أن الحرب لم تتوقف فعليًا. وأشار إلى أن إسرائيل لم تنفذ التزاماتها في المرحلة الأولى، مثل فتح معبر رفح والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل كاف.
وأوضح البرغوثي أن المرحلة الثانية تتطلب تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية لإدارة شؤون غزة، ونشر قوة استقرار دولية لضمان الانسحاب الإسرائيلي. لكنه أشار إلى أن هذه الأمور غير مضمونة، وأن نتنياهو يسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: الاستمرار في فتح جبهات عسكرية جديدة، ومواصلة الحرب على غزة، وتجنب الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
ترامب والسياسة الخارجية
في المقابل، يرى الخبير الأميركي في السياسة الخارجية هارلي ليبمان أن ترامب يواجه خطرًا بتقويض سمعته الدولية، ويتعرض لضغوط من قادة دول عربية لدفعه نحو تطبيق خطة السلام. ومع ذلك، يرى ليبمان أن ترامب يتأثر باعتبارات شخصية وسياسية داخلية، وأن إسرائيل تتحرك بدافع “الاستباق” لتجنب هجمات مستقبلية.
ويرى محللون أن السياسة الخارجية لإدارة ترامب قد تشكل عاملاً حاسمًا في تحديد مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتشير التوقعات إلى أن الإدارة الجديدة قد تتبنى موقفًا أكثر تشددًا تجاه الفلسطينيين، وتزيد من دعمها لإسرائيل.
وفيما يتعلق بـالأمن الإقليمي، يرى مراقبون أن زيارة نتنياهو قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة، خاصةً إذا حصل على دعم أميركي لشن هجوم على إيران. ويحذرون من أن أي تصعيد عسكري قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة.
من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة تطورات حاسمة في هذا الملف، حيث من المقرر أن يجتمع نتنياهو بترامب لمناقشة هذه القضايا. وستكون هذه المحادثات بمثابة اختبار حقيقي للعلاقات بين البلدين، وقدرتهما على إيجاد حلول للأزمات المتفاقمة في المنطقة. يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين المصالح المتضاربة، وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.





