ثقافة الاستهلاك
ليست المشكلة في كوننا استهلاكيين، لأن هناك من وظيفته الإنتاج والصناعة، والعالم برمته لا يقوم على محورية الإنتاج والصناعة فحسب، بل يجب أن يوجد زخم استهلاكي كبير، لتمرير وتطوير عمليات الصناعة وتنوعها، إذن ليست المشكلة في الاستهلاك، لكن دوماً تقع المشكلة في نوع الاستهلاك وحجمه، وأريد أن أحدد الحديث على الجانب الفردي لكل واحد منا، لتوضيح الصورة، وأيضاً كون الضرر الفردي من العبثية الاستهلاكية أكبر، وضررها أكثر جسامة على الفرد.
من الطبيعي أن تسعى الشركات المنتجة، بغض النظر من أي جهة هي، أن تروج لسلعها وتسعى لنشرها، وتضع المغريات أمامنا، وتحاول جاهدة استقطاب وبيع أكبر كمية لتحقيق الأرباح، لكن من غير الطبيعي أن يتورط في الشراء الأفراد الذين دخولهم المادية متدنية أو لا تفي بثمن تلك السلع، أو حتى الأفراد ممن هم متوسطو الحال، خاصة إذا علمنا أن هذه السلع كمالية، وليست أساسية.
وينتج عن الإقبال غير المبرر للفئات المحدودة الدخل لشراء السلع غير الضرورية تكبيلهم بالديون، والفوائد المصرفية من دون مبرر أو سبب، وهذه الديون تمتد لسنوات، وتستنزف دخولهم المحدودة، وهذا تعثر واضح يقودنا لنعرف حجم الخلل في الثقافة الاستهلاكية والوعي من الأفراد بخطورة الاستدانة لشراء مستلزمات استهلاكية غير ضرورية، وحتى غير ملحة.
لن أبالغ إذا ما قلت إن معظم ديون الأفراد في العالم برمته تعود لسبب رئيسي، وهو أن هذا المستهلك توجه نحو شراء سلعة غير ضرورية أو غير أساسية ومقابلها استدان، مثل أن يقوم بشراء سيارة فارهة وآخر صنع، تستقطع نحو نصف دخله الشهري، متناسياً حاجة هذه السيارة للوقود، الذي يستقطع حصة كبيرة من الدخل، وعلى مثل هذا الحال يمكنك القياس.
نصيحة من القلب لا ترهنوا مدخراتكم وأموالكم من دون مقابل.