Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

“حرب المعلومات”.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟

في عصر تحوّلت فيه المعلومات إلى سلاح استراتيجي، يقدّم الكتاب “حرب المعلومات: كيف تسيطر الدول على عقولنا” للدكتور ديفيد كولون، أستاذ العلوم السياسية في باريس، رؤية متعمقة حول كيفية استخدام الدول الكبرى للمعلومات كأداة نفوذ. صدر الكتاب حديثا مترجما إلى العربية عن دار هاشيت أنطوان – نوفل.

يستهل كولون كتابه بالإشارة إلى أن مفهوم الحرب تغير جذريا مع التطورات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة. فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور الإنترنت كوسيلة اتصال عالمية، اعتقد الكثيرون أن عصر الحقيقة قد بدأ، وأن المعلومات ستكون متاحة للجميع بسهولة وشفافية. لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما. فقد نشأ نوع جديد من الصراع يعتمد على التلاعب بالمعلومات وتشكيلها لخدمة أهداف سياسية واستراتيجية.

وفقا للكتاب، فإن حرب المعلومات ليست مقتصرة على الدول الكبرى فحسب، بل تشمل جميع الأطراف الفاعلة في الساحة الدولية، بدءا من الحكومات ومرورا بشركات التكنولوجيا الكبرى وانتهاء بالجيوش الإلكترونية. يبرز كولون كيف استطاعت الدول الكبرى، مثل روسيا والصين والولايات المتحدة، تطوير استراتيجيات متقدمة لتشكيل الرأي العام العالمي من خلال التحكم في تدفق المعلومات.

كيف تغيرت حرب المعلومات؟

يكشف كولون في كتابه عن التطور التاريخي لحرب المعلومات، مشيرا إلى أن استخدام الدعاية والتلاعب الإعلامي ليس بالأمر الجديد، لكن ما يميز العصر الحالي هو استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات الاجتماعية. على سبيل المثال، استخدمت روسيا ما يسمى “بمصانع الذباب الرقمي” لنشر المعلومات المضللة وتشويه صورة المعارضين السياسيين، بينما طورت الصين نظاما متكاملا لمراقبة وتشكيل المحتوى الرقمي داخل حدودها.

يشدد كولون على أن هذه التطورات لم تؤثر فقط على السياسة الدولية، بل امتد تأثيرها إلى المجتمعات المحلية، حيث أصبح المواطنون العاديون أهدافا لعمليات التلاعب والتوجيه. من خلال تحليل العديد من الحالات، مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وحروب المعلومات التي رافقت الأزمة الأوكرانية، يظهر الكتاب كيف يمكن للتضليل الإعلامي أن يؤثر على صنع القرار السياسي.

دور شركات التكنولوجيا

يلقي كولون الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه شركات التكنولوجيا الكبرى في حرب المعلومات. فشركات مثل فيسبوك وغوغل وتويتر أصبحت جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات التأثير والتوجيه الإعلامي. يشير الكتاب إلى أن هذه الشركات تمتلك كميات هائلة من البيانات حول المستخدمين، مما يمكنها من استهدافهم برسائل دعائية دقيقة.

ومع ذلك، يشير كولون أيضا إلى أن هذه الشركات تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع المعلومات المضللة والمحتوى المزيف. في ظل غياب لوائح تنظيمية واضحة، تظل هذه الشركات في موقف حرج بين حماية حرية التعبير وضمان نزاهة المعلومات.

التحديات المستقبلية

يخلص كولون إلى أن حرب المعلومات ستشكل أحد أهم التحديات التي ستواجهها المجتمعات في المستقبل القريب. فمع استمرار تطور التكنولوجيا، ستزداد قدرة الدول والجهات الفاعلة الأخرى على التأثير في الرأي العام.

يؤكد الكتاب على أهمية الوعي بمخاطر حرب المعلومات والعمل على تطوير استراتيجيات مضادة. يشدد كولون على ضرورة تعزيز القدرة على التمييز بين المعلومات الحقيقية والمضللة، وتطوير أدوات للكشف عن المحتوى المزيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى