حملات شعبية واسعة في مصر لدعم وإغاثة غزة

القاهرة – تشهد مصر توسعا يوميا في حملات التبرع وتجهيز قوافل إغاثة غزة، بدعم شعبي وتنسيق حكومي، منذ عودة السماح بإدخال المساعدات نهاية يوليو/تموز الماضي، وبرزت جهود الهلال الأحمر المصري كآلية تنسيق وطني لكل المساعدات على الحدود، وبيت الزكاة والصدقات الذي يشرف عليه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب.
وعادت حملات التبرع بشكل لافت، بعد توقف، تقودها المؤسسات المصرح لها حكوميا بجمع الأموال، بجانب تلقي البعض تبرعات عينية، وسط محاولات شعبية فردية للإغاثة خلقت نقاشا مجتمعيا.
ومنذ مارس/آذار الماضي تمارس إسرائيل سياسة تجويع ممنهج بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تغلق المعابر وترفض دخول الإمدادات والمساعدات إلا بكميات شحيحة جدا، مما تسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة.
قوافل إغاثية
ودفع الهلال الأحمر المصري، في الساعات الأخيرة، بسابع قوافله التي أطلقها تحت شعار “زاد العزة.. من مصر إلى غزة”، محملة بمساعدات غذائية وطبية تضم أكثر من 95 ألف سلة غذائية، ونحو 95 طن دقيق، وآلافا من أكياس الخبز، وأكثر من 4 أطنان من المستلزمات الطبية.
وانطلقت أولى قوافل “زاد العزة” في 27 يوليو/تموز عبر معبر كرم أبو سالم، حاملة آلاف الأطنان من المساعدات التي تنوعت بين سلاسل الإمداد الغذائية من دقيق وألبان أطفال ومستلزمات طبية وأدوية علاجية ومستلزمات عناية شخصية، بالإضافة إلى سيارتي وقود”.
يتوازى مع هذه الجهود، جهد بيت الزكاة والصدقات المصري، الذي يتولى رئاسة مجلس أمنائه شيخ الأزهر، الذي يلقى قبولا شعبيا رائجا، حيث انطلقت فجر اليوم الثلاثاء الخامس من أغسطس/آب، القافلة الـ11 الإغاثية، للبيت، وتضم أكثر من ألف خيمة مجهزة، وآلاف الأطنان من المواد الغذائية، والمياه النقية، والمستلزمات الطبية والمعيشية، إلى جانب ألبان الأطفال، والحفاضات، والأدوية، ومستلزمات العناية الصحية.
وأعلنت جمعية الباقيات الصالحات البارزة في العمل الخيري، وصول شاحنات إغاثة شعبية من جهودها ضمن قافلة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي (تحالف للجمعيات والمؤسسات الخيرية).
وكشف “التحالف الوطني” عن انطلاق قافلته رقم (11)، بمشاركة 200 شاحنة محملة بالمواد الغذائية بحمولة إجمالية تُقدر بـ4 آلاف طن من المواد الغذائية الضرورية، أعدتها 13 مؤسسة من مؤسسات التحالف الوطني، من مختلف المحافظات المصرية.
ومن تبرعات شعبية، تحت شعار “أنقذوا غزة”، جهزت جمعية الأورمان الخيرية قافلة إغاثة لغزة، تنتظر خلال الساعات الأخيرة، وفق بيان لها، على طريق مصر الإسماعيلية في طريقها باتجاه معبر رفح.
وأعلن بنك الطعام المصري (مؤسسة خيرية مصرية) انطلاق الاستعدادات لتجهيز قافلة جديدة لدعم وإغاثة أهل غزة، من تعبئة وتغليف المساعدات، داعيا المواطنين إلى المشاركة.
حملات التبرع
وتصاعدت بشكل بارز حملات جمع التبرعات لصالح غزة، والتي تتم عبر المؤسسات المعتمدة حكوميًا، حيث يحظر جمعها شعبيا دون إذن قانوني ملزم.
وأطلقت شركة “فودافون مصر” مبادرة لمضاعفة قيمة كل تبرع مقدم من العملاء لدعم جهود مصر الإغاثية لأهل غزة، بالشراكة مع الهلال الأحمر المصري من خلال التبرع عبر خدماتها المالية، بجانب مشاركة موظفيها في جهود تعبئة وتجهيز بعض المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة.
وأطلق بنك الشفاء المصري (مؤسسة خيرية صحية) حملة تبرعات لصالح غزة، لتوفير الأدوية والمستلزمات الصحية في قوافل الإغاثة الطبية، كما دشنت جمعية رسالة الشهيرة في الأعمال الخيرية، مطلع الشهر الجاري، حملة تبرعات، عبر التطبيقات الرقمية وخدمات تحويل الأموال، والاتصال بمندوب جمع التبرعات، لشراء التجهيزات اللازمة للمشاركة في قافلة إغاثية جديدة.
وتحت شعار “ساند أهل غزة”، دشنت مؤسسة مصر الخير، أحد أكبر مؤسسات العمل الخيري، حملة تبرعات مماثلة للمشاركة في قوافل الإغاثة، في حين حددت مؤسسة الأورمان للعمل الخيري، سهم تبرع لغزة بقيمة 400 جنيه (الدولار يساوي 49 جنيها تقريبا).
التبرع العيني، تبنته، لجنة العطاء التابعة لنقابة أطباء مصر، حيث أعلنت تقبل التبرعات العينية لقافلة المساعدات إلى غزة، بجانب التبرع المادي عبر البنوك أو التطبيقات الرقمية لتحويل الأموال.
مرافقة القوافل
وأطلقت الحملة الشعبية المصرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، دعوات لتجهيز قوافل إغاثة إنسانية، خلال الأيام الأخيرة، منها دعوة من عضو مجلس النواب أحمد بلال عضو الحملة في محافظته الغربية شمالي العاصمة القاهرة.
وتقول عضو اللجنة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني بمصر، كريمة الحفناوي، “طالبنا السلطات مع تصاعد التجويع والحصار المفروض على قطاع غزة بأن نذهب إلى رفح بقوافل إغاثة إلى الشعب الفلسطيني على مسؤوليتنا وأيضا السماح لحملات فك الحصار الدولية بالوصول إلى المعبر”.
وتضيف الحفناوي للجزيرة نت، أن ما يحدث الآن من دخول شاحنات إلى غزة أو إلقاء مساعدات غذائية من الطائرات لا يكفي وقليل جداً، بينما كل يوم يتساقط العشرات من الجوع في غزة، مؤكدة أن الإصرار على نجاح مسار الإغاثة هو إفشال لمخطط الحصار والتجويع من أجل تنفيذ مخطط التهجير القسري.
جهود فردية
بالتزامن، ظهرت خلال الفترة الأخيرة جهود فردية مبتكرة لإغاثة غزة من عموم الشعب المصري، خلقت نقاشاً مجتمعيا، بحسب مراقبين، تمثلت بإلقاء زجاجات تحوي طعامًا وحبوبا في البحر أملا في وصولها إلى غزة.
ويرى الباحث المتخصص في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي، صالح عبد الرؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن بعض أنشطة إغاثة غزة خلقت في بعض مشاهدها أسلوب مقاومة مدنية سلمية لرفض التأخر في الدعم والمساندة في ظل التجويع المتصاعد، وهو ما ظهر في انتشار صور إلقاء زجاجات ممتلئة بحبوب غذائية في البحر لتصل إلى شواطئ غزة.
ويعتبر عبد الرؤوف تسيير قوافل الإغاثة الشعبية لكسر الحصار والتجويع، أحد ألوان المقاومة الشعبية المصرية ضد التخاذل والتواطؤ الرسمي في الدول الغربية والعربية على السواء، ورمزية حضارية كبيرة تنم عن رابطة إنسانية شعورية بين الشعوب لم تتلوث بأدوات العزل والحصار، مؤكدا أنه لا يمكن فصل عودة قوافل الإغاثة من مصر إلى غزة عن سائر الفعاليات الشعبية التي عمت أرجاء المعمورة.
تحد قوي
في هذا السياق، هناك 3 ملفات تشكل أولوية لمساندة الفلسطينيين، في داخل مصر، بحسب “نجوى اقطيفان”، الإعلامية الفلسطينية ومسؤولة الإعلام باتحاد المرأة الفلسطينية فرع مصر، حيث ترى ضرورة الاهتمام بهم مع تصاعد نشاط الإغاثة في هذه الأيام.
وتدعو اقطيفان إلى مزيد من الاعتناء بـ3 ملفات ملحة للفلسطينيين بمصر وهي: تذليل عقبات الإقامة وتوفير سبل الدراسة للأطفال والطلبة، وتعزيز الاهتمام الرعاية الصحية.
وفي حديثها للجزيرة نت، تقول اقطيفان إن “تصاعد النشاط الإغاثي الأخوي من مصر مقدر ومثمن، ومبني على العلاقة العميقة بين الشعبين الفلسطيني والمصري، فنحن أصحاب مصير واحد، ولدى المصريين إحساس بالمعاناة الكبيرة التي يعيشها أهل غزة وأهمية التضامن”.
وتؤكد دعمها لكل الخطوات الحكومية المصرية في مسار عودة الإغاثة، وإدخال المساعدات، ووصفته بأنه دور كبير وتحد قوي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأعوانه الدوليين.
وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن حرب إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 211 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.