حميدتي يعلن هدنة إنسانية من طرف واحد واستمرار موجات النزوح في السودان

أعلن قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان، وذلك غداة رفض رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، لمقترح دولي يهدف إلى وقف القتال الدائر منذ أبريل 2023. يأتي هذا الإعلان وسط تدهور مستمر في الأوضاع الإنسانية وزيادة في عمليات النزوح الداخلي، مما يضع ضغوطًا متزايدة على السودان والمجتمع الدولي. وتشكل هذه الهدنة تطوراً مهماً في سياق الحرب في السودان، لكن نجاحها يعتمد على مدى التزام الطرفين بها.
تأتي هدنة الدعم السريع استجابةً للجهود الدولية، التي تشمل مبادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومساعي دول الرباعية (السعودية، الإمارات، مصر، الولايات المتحدة)، بالإضافة إلى جهود الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد. تتضمن الهدنة الموافقة على تشكيل آلية مراقبة دولية لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وشدد دقلو على محاسبة أي طرف ينتهك الهدنة.
موجات النزوح وتأثيرها على الأوضاع الإنسانية في السودان
تزامنت هذه التطورات مع تقارير عن اشتباكات مستمرة وعمليات تمشيط واسعة النطاق تقوم بها القوات المسلحة في مناطق مختلفة، خاصة غرب مدينة الأُبيّض في شمال كردفان. هذه العمليات تساهم في تفاقم أزمة النزوح المتزايدة بالفعل.
تشهد ولايات دارفور وغرب كردفان موجات نزوح جديدة مع تصاعد العنف. في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور وحدها، ارتفع عدد النازحين إلى أكثر من 600 ألف شخص، وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة. وتعاني هذه المناطق من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، مما يزيد من معاناة السكان المتضررين.
كما أفادت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح 645 شخصًا من قريتي تبسة وأفنوري في ولاية جنوب كردفان، بسبب “انعدام الأمن”. واتهمت تقارير قوات الدعم السريع بتسهيل عمليات النهب والتجنيد الإجباري في المنطقة، مما يزيد من التوترات ويمنع عودة النازحين إلى ديارهم. صعوبة الوصول إلى المتضررين تعرقل تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية.
تصعيد العنف والرفض المتبادل لمبادرات السلام
في المقابل، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، رفضه لمقترح دولي قدمه مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، ووصفه بأنه “أسوأ ورقة يتم تقديمها”. وطالب البرهان بانسحاب الدعم السريع من المناطق التي سيطرت عليها بعد اتفاق جدة كشرط لوقف إطلاق النار. كما انتقد دور اللجنة الرباعية واعتبرها “غير محايدة”.
هذا الرفض المتبادل لمبادرات السلام يعكس عمق الخلاف بين الطرفين وصعوبة التوصل إلى حل سياسي للأزمة. يتطلب تحقيق الاستقرار في السودان بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة والتزامًا حقيقيًا بإنهاء العنف وحماية المدنيين.
وتشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) معارك ضارية بين الجيش والدعم السريع، مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان. هذه الاشتباكات تؤثر بشكل كبير على الأوضاع الإنسانية وتعيق جهود الإغاثة والتعافي.
الوضع الراهن وتقسيم السيطرة على الأراضي
تسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، باستثناء بعض المناطق الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش. بينما يسيطر الجيش على معظم الولايات الـ13 المتبقية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. هذا التقسيم يضعف الدولة ويساهم في استمرار العنف.
وتتزايد المطالبات الدولية بتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة للمتضررين من الحرب الأهلية في السودان. كما تدعو المنظمات الدولية إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين من آثار القتال. التحديات اللوجستية والأمنية تعوق وصول المساعدات إلى المناطق المحتاجة.
في تصريح للمتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في دارفور، طالب المجتمع الدولي بالتحرك بشكل عاجل لإغاثة المنكوبين، مشيرًا إلى أن الاحتياجات تتزايد يومًا بعد يوم مع تدفق النازحين. وأضاف المتحدث أن الوضع في دارفور “كارثي” ويتطلب تدخلًا فوريًا من المجتمع الدولي لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة.
من المتوقع أن تستمر الأزمة في السودان ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل ينهي العنف ويضمن توزيعًا عادلاً للسلطة والموارد. تبقى المبادرات الإقليمية والدولية حاسمة في الضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات وإيجاد حل سلمي. يجب مراقبة التطورات عن كثب، بما في ذلك مدى التزام الدعم السريع بالهدنة، ورد فعل الجيش، وجهود الوساطة الدولية، لتحديد المسار المحتمل للأزمة في الأيام والأسابيع القادمة. تأثير الأزمة السودانية يمتد إلى دول الجوار ويشكل تهديدًا للأمن الإقليمي.





