خسائر ما بعد العاصفة!
يستسلم الناس لسطوة الطبيعة، لا يحركون ساكناً أمام الكوارث والأوبئة إلا بالقدر الذي يحافظون به على حياتهم، عدا ذلك فإنهم يتقبلون الإملاءات والتوجيهات كافة، كما حدث للعالم كله في عام الوباء، حيث استسلموا للعزل والعزلة، وهجروا حياتهم الاجتماعية وأصدقاءهم ومظاهر حياتهم كافة التي اعتادوها، وعندما بدأ الحديث عن التطعيمات واللقاحات شهدنا أكبر حملة لدفع الناس لقبول ذلك وسط إجراءات وإغراءات وتهديدات، فصحة العالم ومواجهة الوباء كانتا على المحك!
لقد تجاوز العالم الأزمة وصار الوباء في حكم الماضي، وتنفسنا الصعداء، وحمدنا الله على النجاة، فهل انتهت الأزمة فعلاً؟ في الحقيقة لقد تلاشت العاصفة، لكن تعداد الخسائر غالباً ما يبدأ لحظتها، وتعداد الخسائر يشمل ذكر الأخطاء والتجاوزات التي رافقت العاصفة، على غرار ما يحدث الآن من تبادل الاتهامات والاعترافات بين بعض مديري المنصات الاجتماعية، وبعض المؤسسات والمنظمات والإدارات الحكومية الكبرى.
في نهاية شهر أغسطس الماضي أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرج بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مارست ضغوطاً على منصته «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة فيروس كورونا في عام 2021، كما قادت تلك الضغوطات التي أقر بها مارك في رسالة لرئيس لجنة القضاء بمجلس النواب الأمريكي بأن أعضاء في الإدارة السابقة قد ضغطوا باتجاه أن يقوم الموقع الشهير بدفع ملايين المنتسبين له لأخذ اللقاحات دون تردد.
إضافة لذلك فقد دفعت تلك الضغوطات لأن يقوم الرئيس التنفيذي لمنصة فيسبوك بدفع مبلغ 400 مليون دولار لمنظمات غير ربحية من أجل عمل تجهيزات تصب في صالح ضمان عملية الانتخابات في ظل الإجراءات الاحترازية.
لو أن كل ما أقر به الرجل ناجم عن ضغوطات فعلاً، فهل هذا يعني أن الكشف عنها هو ممارسة فعل ندم على موافقته الخضوع للضغط؟ أم أنها واحدة من أوراق الضغط لصالح ترامب في إطار الاستعدادات المحمومة للانتخابات الأمريكية؟ التي نراها في إثارة ممارسات الفساد التي كشف عنها فيما يخص ابن جو بايدن، الذي يواجه تهم فساد وتهرب ضريبي وحيازة أسلحة!!
إنه موسم حصر الخسائر والمكاسب معاً.. هذه هي اللعبة الديمقراطية!