خط شعارات الثورة الأولى بدرعا.. صياصنة يروي تجربته بعد 14 عاما

درعا – لم يكن معاوية صياصنة يدرك حين كتب عبارة “إجاك الدور يا دكتور” على جدار مدرسة الأربعين في درعا البلد في فبراير/شباط 2011، أن هذه الكتابة ستكون شرارة احتجاجات واسعة النطاق ستؤدي إلى تغيير مسار سوريا بشكل جذري. تلك اللحظة، التي بدت في البداية مجرد فعل مراهقة، أصبحت فيما بعد رمزًا للثورة السورية، وحوّلت حياة معاوية إلى قصة معقدة من الاعتقال والتهجير والعودة.
يروي معاوية للجزيرة نت أنه لم يتوقع أن تتحول هذه “المشاغبة” إلى نقطة تحول في تاريخ بلاده. بعد أيام قليلة من كتابة الشعار، داهمت قوات الأمن منزله واعتقلته، لتبدأ رحلة في زنازين فرع الأمن السياسي في درعا، حيث تعرض للتحقيق والاعتداء. لم يكن معاوية يعلم أن كلماته البسيطة ستفتح له أبواب السجون، وستورطه في صراع دموي سيستمر لأكثر من عقد من الزمان.
ذكريات الثورة السورية
بدأت الاحتجاجات في درعا كرد فعل على اعتقال مجموعة من الأطفال، بمن فيهم معاوية، بعد قيامهم بكتابة شعارات مناهضة للنظام. سرعان ما تصاعدت المظاهرات، وتحولت إلى ثورة شعبية عارمة ضد حكم بشار الأسد.
مع تصاعد العنف، انضم معاوية إلى صفوف الجيش السوري الحر، معتقدًا أنه يدافع عن مدينته وشعبه. شارك في العديد من المعارك، وشهد سقوط العديد من الأصدقاء والزملاء. في عام 2018، وبعد اتفاق تسوية برعاية روسيا، عادت قوات النظام إلى السيطرة على درعا، مما دفع معاوية إلى الخروج نحو الشمال السوري.
التهجير والعودة
لم تكن حياة معاوية في الشمال السوري سهلة. عاش في مخيمات اللاجئين، وعمل في وظائف متفرقة لتأمين لقمة العيش. لكنه لم يفقد الأمل في العودة إلى مدينته، وإعادة بناء حياته.
في صيف 2021، وبعد جهود مضنية، تمكن معاوية من العودة إلى درعا البلد، لكنه وجدها مدينة مدمرة، وشعبها يعاني من الفقر والبطالة. ومع ذلك، لم يستسلم، وبدأ العمل مع مجموعة من الشباب لإعادة إحياء مدينتهم، وتوفير الخدمات الأساسية للسكان.
تحديات ما بعد الثورة
على الرغم من انتهاء المعارك في درعا، لا تزال المدينة تواجه العديد من التحديات، بما في ذلك نقص الموارد، وتدهور البنية التحتية، وانتشار الفساد. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال هناك العديد من المعتقلين والمفقودين الذين لم يتم العثور عليهم بعد.
يشير مراقبون إلى أن تحقيق الاستقرار في درعا يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السورية، والفصائل المحلية، والمجتمع الدولي. كما يتطلب توفير الدعم المالي والإنساني للسكان، وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي
يعاني الوضع الاقتصادي في درعا من تدهور كبير، حيث ارتفعت معدلات البطالة والفقر بشكل ملحوظ. بالإضافة إلى ذلك، تعاني المدينة من نقص حاد في الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية.
أدى ذلك إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية، مثل الجريمة والبطالة واليأس. ويقول السكان إنهم بحاجة إلى دعم عاجل لمواجهة هذه التحديات، وإعادة بناء حياتهم.
معاوية، الذي أصبح الآن أبًا لطفلين، يرى أن المستقبل لا يزال غامضًا، لكنه مصمم على البقاء في مدينته، والعمل من أجل بناء سوريا جديدة. ويقول “أنا جزء من هذه الأرض، ولا يمكنني أن أتركها. سأبقى هنا، وسأقاتل من أجل مستقبل أفضل لأطفالي ولجميع السوريين”.
في الوقت الحالي، تركز الجهود على إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه درعا، وتوفير الدعم اللازم للسكان. من المتوقع أن تعقد الحكومة السورية اجتماعات مع الفصائل المحلية في الأسابيع القادمة لمناقشة هذه القضايا، والتوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل مشتركة. يبقى الوضع في درعا هشًا، ويتطلب مراقبة دقيقة، خاصة في ظل استمرار التوترات الإقليمية وتأثيرها على الأوضاع في سوريا.





