خلافات بحكومة نتنياهو بشأن صفقة غزة وتهديدات بالاستقالة
مراسلو الجزيرة نت
القدس المحتلة- مع الإعلان في العاصمة القطرية الدوحة عن وقف إطلاق النار في غزة، أمس، بدأ المشهد الإسرائيلي في حالة إرباك وملامح عكست مشاعر الهزيمة في الحرب والتي حملت في طياتها مزيجا من الغضب والانتقادات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وسط تباين المواقف داخل الائتلاف الحكومي من صفقة تبادل الأسرى.
كما في الحرب بدت إسرائيل منقسمة على ذاتها عشية إعلان وقف إطلاق النار، وذلك بسبب الخلافات حول بنود صفقة التبادل التي تنص على إعادة الأسرى الإسرائيليين، وعددهم 98، على مراحل وليس دفعة واحدة، بينما رفض تحالف “الصهيونية الدينية” الذي يمثل أركان اليمين المتطرف في الحكومة الاتفاق وهدد بالانسحاب من الائتلاف.
وجه آخر للانقسام الإسرائيلي هو ما عبرت عنه تيارات وأحزاب المعارضة الإسرائيلية التي أبدت مخاوفها من إمكانية تجدد القتال قبيل الانتهاء من جميع مراحل الصفقة، وكذلك الاتهامات لنتنياهو وللجيش الإسرائيلي بالفشل في تحقيق أهداف الحرب والإخفاق في تقويض حركة حماس سياسيا وعسكريا.
امتصاص الغضب
في المقابل رحّب وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار -المقرب من نتنياهو- بالصفقة، وفي محاولة منه لاحتواء الخلافات بين أقطاب معسكر اليمين المتطرف تجاه الاتفاق، كتب زوهار على منصة إكس “حان وقت فدية الأسرى وإنقاذ الأرواح”. وأعلن أنه سيصوت لصالح الصفقة “التي قادها رئيس الوزراء نتنياهو مع الرئيس دونالد ترامب لإطلاق سراح إخوتنا وأخواتنا القابعين في الأسر لدى حركة حماس”.
كما تبنت الخطاب نفسه الأحزاب الدينية الحريدية المشاركة في الائتلاف الحكومي ممثلة بحزبي “شاس” و”يهودت هتوراه” التي تمتلك 18 مقعدا بالكنيست، إذ رحبت بصفقة التبادل ودعت جميع الوزراء والأحزاب المشاركة بالحكومة إلى التصويت لصالح اتفاق وقف إطلاق النار.
وخاطب وزير البناء والإسكان يتسحاق غولدكنوبف، الإسرائيليين من الكنيست قائلا إن “التوراة تلزمنا حساب الذات وإنقاذ الأرواح، أبناؤنا وبناتنا الذين يموتون في أنفاق حماس يصرخون إلينا ويتوسلون لإنقاذ حياتهم. علينا أن ننفذ الوصية العظمى المتعلقة بفدية الأسرى، ودعم الصفقة التي يقودها رئيس الوزراء، مع الحفاظ على مصالح إسرائيل الأمنية”.
ووسط النقاش المحتدم وتأزم الوضع الداخلي بسبب إعادة المختطفين على مراحل، سارع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، إلى الإدلاء بخطاب خاص للإسرائيليين قال فيه “نحن في أوقات مصيرية للغاية، فبعد أن فشلت إسرائيل بالقيام بواجبها، حيث لم تحمهم ولم تمنع اختطافهم. الآن أصبح لدينا التزام باتخاذ خطوة لتصحيح الخطأ وإعادة آخر المختطفين”.
انتقاد نتنياهو
في الوقت نفسه، انتقد وزراء بالحكومة سلوك نتنياهو، قائلين “نشعر كأننا مجرد أرقام. نحن نتعرض للتهميش. هذه فضيحة لا مثيل لها”، وذلك بحسب ما نقلت عنهم صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي أكدت أن صفقة التبادل تحظى بأغلبية في الحكومة، وفي النهاية سيتم نشر قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم كجزء من الاتفاق.
ويحظى وقف إطلاق النار بمعارضة شديدة داخل كتلة نتنياهو والائتلاف الحكومي، حيث يعارض تحالف “الصهيونية الدينية” برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ولديه 7 مقاعد بالكنيست، الاتفاق، وهو الموقف الذي عبر عنه حزب “عظمة يهودية” برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ولديه أيضا 7 مقاعد، حيث هدد بالانسحاب من الائتلاف في حال صادقت الحكومة على صفقة التبادل.
وتحتاج الصفقة إلى أغلبية عادية للموافقة عليها، وبعد المصادقة على الاتفاق، سيتاح للجمهور فرصة تقديم التماس للمحكمة العليا ضد الصفقة وقائمة الأسرى الفلسطينيين المتوقع إطلاق سراحهم من سجون الاحتلال.
صفقة خطيرة
وتعليقا على الاتفاق، قال سموتريتش إن “الصفقة التي ستعرض على الحكومة هي صفقة سيئة وخطيرة على الأمن القومي لدولة إسرائيل”. ورغم ذلك، اعتمد رئيس “الصهيونية الدينية” سياسة الغموض وتجنب الوعيد والتهديد بانسحاب حزبه من الحكومة، وذلك خلافا لتهديد شريكه في معسكر اليمين المتطرف بن غفير.
وقبيل جلسة الحكومة للمصادقة على الاتفاق، تعقد كتلة “الصهيونية الدينية” جلسة للتشاور حول كيفية تثبيت كافة المطالب من نتنياهو لعدم الانسحاب من الحكومة، وقال سموتريتش في بيان متلفز “الشرط الواضح لبقائنا في الحكومة هو اليقين بالعودة إلى الحرب بقوة كبيرة، حتى تحقيق النصر المطلق، وتدمير حماس سياسيا وعسكريا وإعادة كل الرهائن إلى ديارهم”.
بدوره، جدد بن غفير دعوته إلى سموتريتش الانسحاب من الحكومة في حال تم المصادقة على وقف إطلاق النار، قائلا “لقد منعنا في الماضي بواسطة قوتنا اتفاقيات انهزامية، أقمنا الحرس القومي الذي يتنامى وسنحبط من خلاله أي اتفاقيات”، مشيرا إلى أن نتنياهو تعمد بالسابق إحباط مقترحات وقف إطلاق النار لضمان بقاء الحكومة وعدم تفككها.
شبكة أمان
ومع تعالي الأصوات المعارضة في معسكر اليمين المتطرف المشاركة بالائتلاف الحكومي للاتفاق وصفقة التبادل، سارع رئيس المعارضة يائير لبيد بالترحيب بالاتفاق ودعمه، وكرر وعده بمنح نتنياهو “شبكة أمان” لضمان إتمام كافة مراحل الصفقة وإعادة جميع المختطفين.
وخلافا لنتنياهو الذي امتنع التعليق فور الإعلان عن وقف إطلاق النار وبنود صفقة التبادل، قال لبيد في خطاب متلفز “لا يمكن إتمام المرحلة الأولى من الصفقة فقط، أعد، كما وعدت بالماضي، بشبكة أمان للحكومة حتى تنفيذ جميع مراحل الصفقة، وإعادة الرهينة الأخيرة، يجب على الجميع العودة إلى منازلهم”.
الوعد ذاته تعهد به رئيس كتلة “المعسكر الوطني” بيني غانتس، الذي سار على خطى لبيد وأعلن توفير شبكة أمان سياسية لنتنياهو إذا لزم الأمر، قائلا في تغريدة له على منصة إكس “سندعم الصفقة التي تضمن عودة جميع المختطفين، وعلينا أن نستغل الوضع وننفذ جميع مراحل الاتفاق بإعادة جميع الرهائن، وممارسة الضغوط السياسية من أجل استبدال حكم حماس”.