Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
صحة وجمال

دراسة جديدة تكشف آلية تحول الدهون إلى لويحات في الشرايين

كشف باحثون عن آلية جديدة ومعقدة تساهم في تطور تصلب الشرايين، المرض الذي يعد السبب الرئيسي للوفاة على مستوى العالم. وأظهرت الدراسة، التي نُشرت نتائجها مؤخرًا، أن تراكم الكوليسترول في جدران الأوعية الدموية ليس العامل الوحيد المسؤول عن هذه الحالة، بل تلعب الخلايا المناعية دورًا حاسمًا في تحديد مسار المرض، سواءً بالبقاء مستقرًا أو بالتطور إلى حالة خطيرة تهدد الحياة. وقد أجريت الأبحاث في عدة مراكز طبية وبحثية مرموقة حول العالم.

تأتي هذه النتائج لتلقي الضوء على فهم أعمق لعمليات تكوين اللويحات، وهي عبارة عن تراكمات دهنية تتشكل داخل الشرايين. ويهدف هذا الفهم إلى تطوير استراتيجيات علاجية أكثر فعالية للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية، والتي تتسبب في ملايين الوفيات سنويًا.

آلية جديدة في تطور تصلب الشرايين

ركزت الدراسة على دور الخلايا البلعمية، وهي نوع من الخلايا المناعية، في عملية تكوين اللويحات. وأظهرت الأبحاث أن هذه الخلايا، عند تعرضها لتغيرات في البيئة الأيضية المحيطة بها، تدخل في حالة من النشاط غير الطبيعي. هذا النشاط يؤثر بشكل مباشر على طريقة استقلابها للدهون والأحماض الأمينية، مما يؤدي إلى تفاقم حالة تصلب الشرايين.

دور الخلايا المناعية في استقلاب الدهون

أظهر تحليل دقيق لنشاط الخلايا البلعمية في جدران الأوعية الدموية، وكذلك في الأنسجة الدهنية والكبد، وجود ارتباط وثيق بين تطور تصلب الشرايين وارتفاع مستويات بعض الجزيئات. من بين هذه الجزيئات، برزت جزيئات Trem2 وFolr2 وSlc7a7، والتي تعكس تحولات عميقة في وظيفة الخلايا المناعية وطريقة تعاملها مع الدهون داخل جدار الأوعية.

على وجه الخصوص، سلط الباحثون الضوء على ناقل الأحماض الأمينية Slc7a7، والذي يلعب دورًا مهمًا في استقلاب الغلوتامين. وقد كشفت التجارب المعملية أن تعطيل هذا البروتين يقلل بشكل ملحوظ من قدرة الخلايا البلعمية على امتصاص الدهون المعدلة، وبالتالي يحد من تحولها إلى ما يعرف بـ “الخلايا الرغوية”. هذه الخلايا الرغوية هي المكون الأساسي للويحات التي تتراكم في الشرايين وتعيق تدفق الدم.

يُذكر أن الغلوتامين هو حمض أميني حيوي يلعب دورًا في العديد من العمليات الأيضية في الجسم. وتأثيره على الخلايا البلعمية يمثل نقطة ارتكاز جديدة في فهم تطور أمراض القلب.

تغيير في الفهم التقليدي

تعتبر هذه النتائج بمثابة تحول في الفهم التقليدي لتكوّن اللويحات. ففي السابق، كان يُعتقد أن ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم هو السبب الرئيسي والأوحد لتصلب الشرايين. ومع ذلك، تشير الدراسة الحالية إلى أن الطريقة التي تتعامل بها الخلايا المناعية مع المغذيات، وخاصة الدهون والأحماض الأمينية، تلعب دورًا لا يقل أهمية.

وبالتالي، فإن التركيز على خفض مستويات الكوليسترول وحده قد لا يكون كافيًا للوقاية من تصلب الشرايين وعلاجه. بل يجب أيضًا النظر في تعديل البيئة الأيضية للخلايا المناعية وتعزيز قدرتها على التعامل مع الدهون بشكل صحي. وهذا يفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة تستهدف هذه الآليات بشكل مباشر.

بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد هذه الاكتشافات في تحديد الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بتصلب الشرايين في مراحل مبكرة من حياتهم. من خلال تحليل نشاط الجزيئات المذكورة أعلاه في عينات الدم أو الأنسجة، يمكن للأطباء تقييم خطر الإصابة بالمرض واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة.

الآفاق المستقبلية للتشخيص والعلاج

يؤكد الباحثون أن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة نحو تطوير وسائل تشخيص أكثر دقة وعلاجات مبتكرة لأمراض القلب والشرايين. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وتحديد أفضل الطرق لتطبيقها في الممارسة السريرية.

من بين المجالات التي تتطلب مزيدًا من الدراسة، تحديد العوامل التي تؤدي إلى تغيير البيئة الأيضية للخلايا البلعمية، وفهم الآليات الدقيقة التي تربط بين نشاط هذه الخلايا وتطور اللويحات. كما يجب إجراء تجارب سريرية لتقييم فعالية العلاجات الجديدة التي تستهدف هذه الآليات.

من المتوقع أن تستمر هذه الأبحاث في السنوات القادمة، وأن تسفر عن اكتشافات جديدة تساهم في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية على مستوى العالم. وتشير التقديرات الأولية إلى أن النتائج النهائية لهذه الدراسات قد تكون متاحة خلال فترة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات. ويجب متابعة التطورات في مجال الصحة القلبية لتقييم تأثير هذه الاكتشافات على الممارسات الطبية الحالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى