في اكتشاف مفاجئ يحمل بصيص أمل جديد في مواجهة مرض السرطان، كشف فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا بقيادة الدكتورة ليلي يانغ أن بعض أدوية الاكتئاب الشائعة قد تمتلك قدرة غير متوقعة على تعزيز مكافحة الأورام الخبيثة.
وبحسب الدراسة، التي أجريت على نماذج حيوانية وخلايا بشرية، أظهرت مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI) — مثل “بروزاك” و”سيليكسا” — قدرة ملحوظة على تعزيز أداء الجهاز المناعي، خاصة الخلايا التائية القاتلة المسؤولة عن مهاجمة الخلايا السرطانية.
وأوضح الباحثون أن هذه الأدوية، المستخدمة لعقود في علاج الاكتئاب والقلق، أسهمت في تقليص حجم الأورام بنسبة تجاوزت 50% في بعض الحالات. وزادت فعالية العلاج بشكل ملحوظ عند دمجها مع العلاجات المناعية الحديثة للسرطان، حيث شهدت بعض النماذج الحيوانية اختفاءً كاملاً للأورام.
ويعزو الفريق هذا التأثير إلى قدرة الأدوية على تحسين كفاءة الخلايا التائية في بيئة الورم المعقدة، إذ تساعدها على تجاوز العراقيل المناعية التي تضعف أداءها، ما يعزز من قدرتها على اكتشاف الخلايا السرطانية وتدميرها. ووصف الباحثون هذا التحفيز بأنه “دفعة معنوية” للخلايا المناعية تجعلها أكثر قوة وفعالية في مواجهة السرطان.
وتأتي أهمية هذا الاكتشاف من كون هذه الأدوية معتمدة بالفعل من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ما قد يسرّع من إجراء التجارب السريرية على المرضى، مقارنة بتطوير أدوية جديدة من الصفر، والذي يتطلب عادة سنوات طويلة وتكاليف ضخمة تصل إلى 1.5 مليار دولار، في حين تقدر تكلفة إعادة توظيف الأدوية الحالية بنحو 300 مليون دولار فقط.
وقالت الدكتورة ليلي يانغ: “هذه النتائج تعيد صياغة فهمنا للعلاقة بين الجهازين العصبي والمناعي. لقد اعتدنا النظر إلى السيروتونين باعتباره ناقلًا عصبيًا ينظم المزاج والنوم، لكننا اليوم نكتشف دوره الحيوي في تحفيز المناعة ضد السرطان”.
ويرى الفريق البحثي أن إعادة توظيف أدوية الاكتئاب في علاج الأورام قد يعزز من فعالية العلاجات المناعية، خاصة وأن أقل من ربع مرضى السرطان يستجيبون حاليًا للعلاج المناعي التقليدي.
ويأمل الباحثون أن يسهم هذا التوجه الجديد في توفير علاجات فعالة وبأسعار معقولة، ما قد يغير ملامح معركة الطب الحديث ضد السرطان في المستقبل القريب.
للمزيد تابع خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك
