Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

دراما الجامعة في “ميد تيرم” طموح الفكرة وسطحية التنفيذ

تحاول الدراما المصرية في السنوات الأخيرة الاقتراب من قضايا الشباب، لكن مسلسل “ميد تيرم” يبرز كعمل درامي اجتماعي شبابي يركز بشكل خاص على حياة طلاب الجامعة، وتحدياتهم اليومية، والضغوط الدراسية والاجتماعية التي يواجهونها. يعرض المسلسل حاليًا على الشاشات التلفزيونية ومنصات البث الإلكترونية، ويستكشف ديناميكيات العلاقات الإنسانية المعقدة في هذه المرحلة العمرية الحاسمة.

يتناول “ميد تيرم”، من تأليف محمد صادق وإخراج مريم الباجوري، قصص مجموعة من الطلاب، بقيادة فريق من الممثلين الشباب الواعدين، بما في ذلك ياسمينا العبد، وجلا هشام، ويوسف رأفت، وزياد ظاظا، وأمنية باهي، ودنيا وائل، بالإضافة إلى مشاركة عدد من الفنانين كضيوف شرف. يهدف العمل إلى تقديم صورة واقعية لحياة الشباب المصري، مع التركيز على المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجههم.

تلخيص مشاكل الشباب في “ميد تيرم”

تدور أحداث المسلسل حول مجموعة من الطلاب في جامعة خاصة، يجتمعون في البداية من خلال جلسات علاج جماعي غير تقليدية يقودها طبيب نفسي يُدعى “دكتور فرويد”. هذه الجلسات، التي أطلق عليها اسم “سيف سبيس” (منطقة آمنة)، تهدف إلى توفير مساحة للطلاب للتعبير عن مخاوفهم وأزماتهم النفسية بحرية، مع الحفاظ على سرية هوياتهم.

ومع ذلك، تكتشف الطالبة ناعومي هوية إحدى المشاركات، مما يؤدي إلى تحول الجلسات إلى لعبة لكشف هويات باقي المجموعة. تتشابك العلاقات بين الطلاب، وتنشأ صداقات مبنية على التناقضات والاحتياجات المشتركة للفهم والدعم. يركز المسلسل بشكل خاص على تأثير المشكلات الأسرية على الصحة النفسية للشباب.

الأسرة والضغوط النفسية

يركز “ميد تيرم” على فكرة أن العديد من الأزمات النفسية والسلوكية التي يعاني منها الطلاب ترجع إلى مشاكل في بيوتهم، وضعف التواصل مع الأهل. يبرز المسلسل كيف أن عدم الاستماع الكافي للشباب قد يؤدي إلى شعورهم بالعزلة والارتباك. ومع ذلك، قد يبدو هذا التركيز اختزاليًا في بعض الأحيان، حيث يوحي بأن المشكلات الأسرية هي السبب الوحيد لأزمات الشباب، في حين أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا مهمًا، مثل الضغوط الأكاديمية، والصراعات الهوية، والتجارب العاطفية.

يثير المسلسل نقاشًا حول أهمية الاستماع للشباب، ولكنه يطرح أيضًا تساؤلات حول الحاجة إلى رؤية أوسع تعترف بتعدد مصادر الألم والقلق في حياتهم. فالشباب يحتاجون إلى الدعم والفهم، ولكنهم أيضًا يحتاجون إلى مساحة للتعبير عن أنفسهم واتخاذ قراراتهم الخاصة.

علاج جماعي أم منظمة سرية؟

يثير اختيار اسم “دكتور فرويد” للطبيب النفسي في المسلسل بعض الاستغراب، حيث يبدو مباشرًا وسطحيًا. كما أن تصوير شخصية الطبيب النفسي نفسه يفتقر إلى المنطق والأخلاقيات المهنية، حيث يظهر متخفيًا خلف هوية غير واضحة. هذا الاختيار الدرامي يضعف مصداقية الشخصية، ويسيء إلى مفهوم العلاج النفسي، ويقدمه كمساحة ملتبسة وغير آمنة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن فكرة “Safe Space” (المنطقة الآمنة) قُدمت في المسلسل بصيغة مبسطة ومثالية، دون تعقيد درامي كافٍ. فالمنطقة الآمنة يفترض أن تكون مكانًا للدعم والفهم، ولكنها في المسلسل تبدو أقرب إلى منظمة سرية أو لعبة. هذا التبسيط يقلل من قيمة الفكرة، ويجعلها أقل واقعية.

مشكلات في الكتابة ورسم الشخصيات

يعاني المسلسل من بعض المشكلات في الكتابة، حيث يغلب عليها التبسيط والمباشرة. تتميز الشخصيات بالتسطيح والاختزال في سمة واحدة، مما يجعلها أقرب إلى نماذج جاهزة تمثل أفكارًا مسبقة أكثر من كونها شخصيات حقيقية. ينعكس هذا القصور على أداء الممثلين، وعلى الرغم من وجود ممثلين موهوبين، إلا أنهم لم يتمكنوا من تقديم أداء مقنع بسبب ضعف الشخصيات المكتوبة.

يظهر كذلك ميل واضح للمباشرة، خصوصًا في نهاية الحلقات، حيث تتحول الدراما إلى خطاب توجيهي صريح يشرح الدرس بدلاً من أن يتركه للمشاهد ليستنتجه. هذا الأسلوب لا ينسجم مع طبيعة الجيل الذي يخاطبه العمل، إذ إن الشباب لا يميلون إلى التلقين أو الرسائل الجاهزة.

بشكل عام، يقدم “ميد تيرم” محاولة جادة للاقتراب من عالم الشباب وقضاياهم، ولكنه يقع في فخ التبسيط والمباشرة على مستوى الكتابة والمعالجة. من المتوقع أن يستمر المسلسل في جذب انتباه الجمهور، ولكن من الضروري أن يولي صناع العمل اهتمامًا أكبر لتطوير الشخصيات، وتعزيز الواقعية الدرامية، وتجنب التبسيط المفرط.

من المرجح أن تشهد الدراما المصرية المزيد من المحاولات لتناول قضايا الشباب في المستقبل القريب. من المتوقع أن يتم التركيز بشكل أكبر على المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه الشباب، وعلى أهمية الحوار والتواصل بين الأجيال. سيظل “ميد تيرم” نقطة انطلاق لمناقشة هذه القضايا، وستبقى التحديات قائمة أمام صناع الدراما لتقديم أعمال أكثر واقعية وتأثيرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى