دعوة أفريقية لإثيوبيا وإريتريا لتجديد الالتزام باتفاق الجزائر

في الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاق الجزائر التاريخي، جدد الاتحاد الأفريقي تأكيده على أهمية هذا الاتفاق في تعزيز السلام والاستقرار بين إثيوبيا وإريتريا. وأشاد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، بالدور المحوري الذي لعبه الاتفاق في إنهاء صراع دموي استمر لعقود، مؤكداً أن تحقيق السلام الدائم بين البلدين يظل أولوية قصوى للمنطقة بأسرها. يأتي هذا التأكيد في ظل تصاعد التوترات الأخيرة بين البلدين، مما يثير مخاوف من تقويض المكاسب التي تحققت.
أهمية اتفاق الجزائر في مسار السلام الإقليمي
وقّعت إثيوبيا وإريتريا اتفاق الجزائر في عام 2000 برعاية من الحكومة الجزائرية، بهدف إنهاء الحرب الحدودية التي اندلعت بينهما في عام 1998. كان هذا الاتفاق بمثابة نقطة تحول في العلاقات الثنائية، حيث نص على ترسيم الحدود بشكل نهائي وإنشاء آلية لضمان السلام والأمن. وفقًا للاتحاد الأفريقي، ساهم الاتفاق بشكل كبير في تخفيف حدة التوتر في منطقة القرن الأفريقي، وفتح الباب أمام التعاون الإقليمي.
دور الاتحاد الأفريقي في دعم الاتفاق
أعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن استعداد المنظمة لتقديم الدعم الكامل لإثيوبيا وإريتريا في جهودهما لتنفيذ اتفاق الجزائر بشكل كامل. وأكد يوسف أن الاتحاد الأفريقي يولي أهمية قصوى لتعزيز الحوار والتفاوض بين الطرفين، بهدف حل أي نزاعات محتملة بطرق سلمية. يشمل هذا الدعم المساعدة في بناء الثقة بين البلدين، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والاجتماعي.
ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن تنفيذ الاتفاق واجه تحديات عديدة على مر السنين، بما في ذلك الخلافات حول تفسير بعض بنوده، وعدم تعاون بعض الأطراف. وقد أدت هذه التحديات إلى استمرار التوتر بين البلدين، وتأخير تحقيق الاستقرار الدائم. العلاقات الإثيوبية الإريترية شهدت تقلبات كبيرة منذ التوقيع على الاتفاق، مع فترات من التحسن والأسوأ.
التوترات الأخيرة وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي
في الأشهر الأخيرة، تصاعدت التوترات بين إثيوبيا وإريتريا، خاصةً مع إعلان إثيوبيا عن سعيها للحصول على منفذ بحري. أثارت هذه الخطوة مخاوف إريترية، حيث تعتبرها تهديدًا لسيادتها وأمنها القومي. وقد تبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك الحدود، ودعم الجماعات المسلحة المعارضة. تعتبر قضية المنفذ البحري من القضايا الشائكة التي تتطلب حلاً دبلوماسيًا.
وحذر الاتحاد الأفريقي من أن أي تصعيد عسكري بين إثيوبيا وإريتريا قد يكون له تداعيات خطيرة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وأكد يوسف أن أمن المنطقة ورفاهية شعوبها يتوقف على تعزيز الثقة المتبادلة وتوسيع التعاون، ومنع أي أعمال عدائية. كما حث المجتمع الدولي على لعب دور فعال في دعم جهود السلام في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يرى خبراء أن التوترات بين إثيوبيا وإريتريا قد تؤثر سلبًا على جهود مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في المنطقة. ويشيرون إلى أن استمرار الصراع قد يوفر بيئة مواتية لنمو الجماعات المتطرفة، وزيادة تدفق الأسلحة والمخدرات. الأمن الإقليمي يتأثر بشكل مباشر بالاستقرار السياسي والاقتصادي في إثيوبيا وإريتريا.
مستقبل العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا
في ختام بيانه، أكد الاتحاد الأفريقي على وقوفه إلى جانب إثيوبيا وإريتريا في سعيهما لتحقيق مستقبل يقوم على السلام والشراكة والمصير المشترك. ودعا الطرفين إلى تجديد التزامهما باتفاق الجزائر، واعتماد الحوار وحسن الجوار كسبيل وحيد لتحقيق الاستقرار الدائم.
من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأفريقي في جهوده الدبلوماسية لتهدئة التوترات بين إثيوبيا وإريتريا، وتيسير المفاوضات بينهما. ومع ذلك، يبقى مستقبل العلاقات بين البلدين غير مؤكد، ويتوقف على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، والالتزام بمبادئ حسن الجوار. سيراقب المراقبون عن كثب أي تطورات جديدة في هذا الملف، خاصةً فيما يتعلق بقضية المنفذ البحري، وتنفيذ اتفاق الجزائر.





