دليلك لاختيار الحاسب المحمول الذي يناسب احتياجاتك
لن يُحدِث الحاسب المحمول ثورةً في تفاصيل حياتك اليومية كالتي يمكن للهاتف الذكي أن يُحدِثها؛ لا يمكنك مثلا أن تحمل جهازا منها بسهولة لتقضي الوقت في المواصلات، أو تلتقط صورا مميزة لغروب الشمس أو لوجبة الغداء في أحد المطاعم.
ولكن خلال السنوات التي استولت فيها الهواتف الذكية على كل تلك الوظائف، طوَّرت الحواسيب المحمولة مواهبها الخاصة، إذ أصبح عمر البطارية الطويل والشاشات المميزة وكروت الشاشة القوية أمورا شائعة الآن في تلك الأجهزة، وبأسعار متفاوتة. ليصبح السؤال كيف تختار ما يناسبك ويوافق احتياجاتك وميزانيتك؟
أن تقرر شراء حاسب محمول جديد الآن عبر النظر إلى المواصفات والملخصات السريعة للجهاز وحدها لن يكون قرارا منطقيًا على الأرجح، إذ يمكنك تحديد المميزات والإمكانيات والفئة الأفضل بالنسبة لك اعتمادا على ميزانيتك في المقام الأول، ثم كيف تخطط لاستخدام الجهاز تحديدا، لذا من المهم أن تتبع نهجا عمليا عند التسوق والبحث عن الجهاز المناسب، ولهذا سنحاول أن نضع أمامك دليلا مُبسطا يساعدك على اتخاذ قرار شراء الحاسب المحمول المناسب.
تقييم الميزانية
إن كنت لا تهتم بالتصميم المتطور والمكونات الداخلية القوية للغاية، فربما قد يرضيك جهاز حاسب محمول رخيص ضمن الفئة الاقتصادية. تمتلئ الأسواق اليوم بالموديلات البسيطة، ولكنها تقدم لك ما تحتاجه، خاصةً إن كان استخدامك بسيطا كالدراسة أو تصفح الإنترنت على سبيل المثال، وسوف تتعامل معظم تلك الأجهزة مع معالجة النصوص والبريد الإلكتروني بشكل مميز وسلس، لكنها سوف تعاني بالطبع مع المهام الأصعب والأكثر تعقيدا.
لكن يمكنك أن تقرر زيادة الميزانية إلى الفئة المتوسطة لتفتح أمامك خيارات أجهزة أكثر بمميزات أقوى يمكنها القيام بمهام متعددة. المشكلة الرئيسية في هذه الفئة السعرية هي أنه يجب عليك اختيار الميزات والإمكانيات الأكثر أهمية بالنسبة لك.
إن لم تكن الميزانية عائقا أمامك، فحينها ستجد أي مجموعة من الميزات التي تريدها تقريبا في جهاز حاسب محمول من الفئة الرائدة، لكن حتى في هذا الأمر ستظهر بعض التضحيات، على سبيل المثال إن كنت تنوي شراء حاسب محمول قوي للألعاب، بكارت شاشة ومعالج من الفئة الرائدة، فلا تتوقع أنك ستحصل على جهاز خفيف يمكنك التحرك به بسهولة، ببساطة لأنه حتى أقوى الأجهزة تتبع قوانين الفيزياء، وكلما زادت الإمكانيات زادت الحرارة التي تنتجها، بالتالي زادت الحاجة إلى قوة التبريد، وبهذا ستجد أمامك جهازا بحجم ووزن ضخم.
نظام التشغيل
قبل أن تبدأ في البحث عن أجهزة الحاسب المحمولة، يجب عليك تحديد نظام التشغيل الأنسب لك. التفكير في البرامج التي تحتاج إلى تشغيلها ونظام التشغيل الذي يدعمها سيساعدك في تحديد نوع الجهاز عموما.
معظم أجهزة الحاسب المحمول التي ستجدها في المتاجر أو على الإنترنت تعمل بنظام التشغيل ويندوز من مايكروسوفت، باستثناء أجهزة آبل بالطبع، وكذلك انتشر نظام التشغيل “كروم أو إس” في أجهزة الحاسب المحمول في الفئة الاقتصادية.
سابقا كان البديل الوحيد للأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز هو أجهزة ماك بوك من آبل بنظام التشغيل الخاص بها ماك أو إس، بينما الآن هناك بديل جديد، وهي أجهزة “كروم بوك” (Chromebook)، وهي أجهزة مناسبة للمهام المكتبية البسيطة.
وإن كنت ترغب في الدخول إلى منظومة آبل، فقد يكون جهاز ماك بوك هو الاختيار الأفضل، على افتراض أنك مستعد لتشغيل متطلباتك اليومية الخاصة على نظام التشغيل ماك أو إس. وعموما لن تجد الجهاز المحمول “ماك بوك” رخيصا في أي مكان وسط عائلة آبل، ولكنك ستجد تصميما صلبا وعمر بطارية ممتاز، وبالطبع إن كنت تملك هاتف آيفون، فستدخل إلى باقي المنظومة التي توفرها تطبيقات آبل لمستخدميها.
المعالجات
بعد أن تحدد نظام التشغيل، يمكنك تحديد المواصفات الأساسية التي ستحتاجها في الجهاز. أول تلك المواصفات التي ينبغي أن تفكر بها هي معالج الجهاز. توجد حاليا شركتان أساسيتان تصنعان معالجات الحاسب المحمول وهما إنتل و”إيه إم دي” (AMD).
المعالجات الأساسية من إنتل هي كور آي3، وكور آي5، وكور آي7، وكور آي9، ومعالج كور آي3 هو الأقل قوة، ومعالج كور آي9 هو الأقوى.
في كل سلسلة من تلك الشرائح، تستخدم إنتل مجموعة غامضة من الأرقام والحروف التي توفر لك معلومات إضافية حول قدرات الشريحة وإلى أي جيل تنتمي.
مثلا قد تُدرج مواقع الشركات المصنعة للحواسيب المحمولة نوع المعالج على النحو التالي (كور آي7- 1455 يو) (Core i7-1455U). والآن عرفنا أن موديل كور آي7 واحد من الشرائح الأكثر قوة في سلسلة المعالجات، دعنا نرى معنى باقي الأرقام؛ الرقم الأول (14) يشير إلى الجيل الذي ينتمى له المعالج، وفي هذه الحالة فهو شريحة من الجيل الـ14، وحاليا هذا هو أحدث جيل متاح لأجهزة الحاسب المحمول التي تأتي بمعالجات من إنتل.
الرقم التالي (55) يتعلق بالأداء، وكلما كانت هذه الأرقام أعلى، كانت الشريحة أكثر قوة في الأداء، ولكن لاحظ أن هذا ينطبق فقط داخل موديل المعالج نفسه وفي هذه الحالة هو كور آي7. بينما مثلا موديل كور آي9 سيكون دائما أكثر قوة من أي شريحة معالجة من موديل آي7، وآي7 أكثر قوة من آي5 وهكذا.
الحرف في نهاية اسم شريحة المعالجة “يو” (U) هو تعريف إنتل للغرض من الشريحة. بالنسبة لأجهزة الحاسب المحمولة، سترى الأحرف في النهاية “واي” (Y)، و”يو” (U)، و”إتش” (H)، و”إتش إكس” (HX).
شرائح سلسلة “واي” تحسن من عمر البطارية، لكنه يأتي على حساب بعض الأداء. وشرائح “إتش” محسنة للأداء، وشرائح “يو” موفرة للطاقة لكنها ليست بنفس درجة التوفير الذي تقدمه سلسلة “واي”. بينما السلسلة الأحدث في المجموعة هي “إتش إكس” وهي شرائح تسميها إنتل “فئة استبدال أجهزة سطح المكتب”، لأنها الأقوى من حيث الأداء ضمن تلك المجموعة، لكنك ستحصل على عمر بطارية أقل من أجهزة الحاسب المحمولة الأخرى.
تسمية شرائح المعالجة في شركة “إيه إم دي” صعبة الفهم كذلك مثل تسمية إنتل، فمثلا في الاسم “رايزن 5 8600 إكس” (Ryzen 5 8600X)، ستجد أن رقم (8) هو رقم الجيل الذي ينتمي له المعالج، ورقم (6) يعبر عن مدى قوة الأداء، وفي هذه الحالة سيكون أداء الشريحة متوسط القوة، بينما مثلا الأرقام 3 أو 4 سيكون أداء الشريحة أضعف. وحرف “إكس” في النهاية يشير إلى الأداء المرتفع، وتشمل التعريفات الأخرى حرف “يو” الذي يعبر عن الطاقة المنخفضة للغاية ويوفر عمر بطارية أفضل.
إذا كنت مستخدما عاديا تحتاج إلى تصفح مواقع الإنترنت، واستخدام حزمة برامج أوفيس، وربما بعض برامج تحرير الصور، فيمكنك البحث عن جهاز حاسب محمول بمعالج إنتل كور آي5 من الجيل العاشر أو أحدث.
وإن كانت ميزانيتك تسمح، فإن شريحة آي7 تمثل ترقية جيدة وستجعل جهاز الحاسب المحمول يبدو أسرع. لاحظ أن القوة الإضافية تعني غالبا عمر بطارية أقصر، لذا ستحتاج إلى موازنة هذا الأمر مع احتياجاتك. لكن إن كنت تبحث عن جهاز قوي للألعاب، فغالبا ستحتاج إلى شريحة آي9. وبالمثل، بالنسبة للمستخدم العادي، فإن سلسلة معالجات “إيه إم دي رايزن 5000” ستكون كافية، لكن سلسلة “رايزن 7000” تمثل ترقية جيدة، ومرة أخرى ستكون على حساب عمر البطارية.
بينما تصنع آبل عدة شرائح معالجة مخصصة لأجهزتها، تُستخدم في كل من أجهزة ماك بوك وآيباد. ولحسن الحظ، تسميات آبل بسيطة للغاية، إذ توجد الآن 3 شرائح في أجهزة ماك بوك وهي إم 1 وإم 2 وإم 3، وهناك شريحة جديدة أعلنت عنها آبل مؤخرا وهي إم 4، لكنها بدأت في أجهزة آيباد برو، ولم يصدر منها أجهزة ماك بوك حتى الآن.
داخل كل موديل من تلك الشرائح، يوجد نماذج مختلفة من أجهزة ماك بوك، مثل أجهزة ماك بوك إير وبرو.
بطاقة الرسوميات
بعد اختيار المعالج، ستجد بعض المعلومات الأخرى لمجموعة متنوعة من العتاد الداخلي للحاسب المحمول. فمثلا تأتي كل أجهزة الحاسب المحمول تقنيا ببطاقات رسومية، التي تعرف أيضا بوحدة معالجة الرسوميات أو كارت الشاشة، لكن يأتي معظمها مدمجا في اللوحة الأم مع شريحة المعالجة، وهو نهج مناسب لمعظم المستخدمين.
إذ يمكنك مشاهدة أفلام عالية الدقة وحتى لعب بعض الألعاب البسيطة دون مشكلات، بينما إن كنت ترغب في ألعاب أقوى أو تحتاج إلى مهام تحرير الفيديو، فستحتاج إلى جهاز حاسب محمول يحتوي على بطاقة رسوميات منفصلة. تصنع شركتا إنفيديا و”إيه إم دي” معظم بطاقات الرسوميات التي ستجدها في أجهزة الحاسب المحمول.
معظم أجهزة الحاسب المحمول التي تأتي بمعالج من إنتل ستكون مزودة ببطاقة رسوميات من شركة إنفيديا من سلسلة “جي فورس” (GeForce)، وعادةً تكون واحدة من بطاقات “ماكس-كيو” (Max-Q)، وهي النسخة المناسبة لتوفير الطاقة وتناسب أجهزة الحاسب المحمول. بينما سلسلة كروت الشاشة التي توفرها شركة “إيه إم دي” تسمى “راديون” (Radeon).
التخزين والذاكرة العشوائية
محرك الأقراص الثابتة هو المكان الذي ستخزن فيه كل بياناتك على الجهاز. الخيار الأكثر شيوعا حاليا هو محرك الحالة الصلبة “إس إس دي” (SSD)، رغم أن بعض أجهزة الحاسب المحمولة في الفئة الاقتصادية لا تزال تستخدم محرك الأقراص الثابتة المعتاد. حاول اختيار حاسب بمحرك الحالة الصلبة “إس إس دي”، بسعة لا تقل عن 256 غيغابايتا، لأن هذا النوع من محركات الأقراص أسرع.
أما بالنسبة للذاكرة العشوائية، المعروفة باسم “رام” (RAM)، فهي ما يستخدمه الحاسب لتخزين البيانات أثناء معالجتها، وكلما زادت الذاكرة العشوائية ارتفع أداء الجهاز أكثر. وإذا نفدت الذاكرة العشوائية، لن تتمكن من فتح المزيد من علامات التبويب في متصفح الإنترنت أو إنهاء تجميع مقطع الفيديو، وستجد في النهاية أن الحاسب يقف عن العمل ويحتاج إلى إعادة تشغيل.
بالنسبة لمستخدم عادي لنظام ويندوز، قد تكفي 8 غيغابايتات من الذاكرة العشوائية، رغم أن الترقية إلى 16 غيغابايتا ستجعل الجهاز أكثر قدرة وقوة، وهي ضرورية للألعاب. وإذا كنت تحتاج الجهاز لمهام البرمجة أو العمل على برامج تحرير مقاطع الفيديو، فستحتاج إلى الكثير من الذاكرة العشوائية، والأفضل أن تصل إلى 16 غيغابايتا على الأقل، وربما تحتاج 32 غيغابايتا إذا كانت الميزانية تحتمل تلك الترقية.