Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

دوافع بلجيكا لانضمامها إلى دعوى “الإبادة” ضد إسرائيل

بروكسل – في خطوة تصعيدية تزيد من الضغوط القانونية والدبلوماسية على إسرائيل، أعلنت بلجيكا رسميًا انضمامها إلى الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم تتعلق بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الضغوط الشعبية والأوروبية، مما يعقد الوضع السياسي والقانوني لإسرائيل في أعقاب الحرب على غزة.

وأكد وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو أن بلاده تشارك في الإجراءات القضائية تنفيذًا لقرار حكومي سابق اتُخذ في مايو 2024، مشددًا على أن هذا التدخل يمثل التزام بلجيكا الراسخ بالدفاع عن القانون الدولي. وأوضح بريفو أن هذا الإجراء لا يعني بالضرورة اتخاذ موقف من أي طرف في النزاع، ولا تقديم تقييم مسبق حول ما إذا كانت أفعال إسرائيل تشكل إبادة جماعية أم لا، مؤكدًا أن المحكمة الدولية هي الجهة الوحيدة المخولة بإصدار حكم نهائي في هذا الشأن.

قراءة قانونية في انضمام بلجيكا إلى دعوى الإبادة الجماعية

ويرى خبراء قانونيون أن تدخل بلجيكا، إلى جانب دول أخرى، يمثل دعمًا لمبدأ المساءلة القانونية الدولية. وأشار الخبير البلجيكي في القانون الدولي فرانسوا دوبويسون إلى أن مشاركة بلجيكا لا تتعلق بدعم طرف على آخر، بل بتقديم رؤيتها حول تفسير أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية. وأضاف أن القراءة البلجيكية تركز بشكل خاص على تعريف “القصد الإبادي”، معتبرًا أن وجود نزاع مسلح أو أهداف عسكرية لا يستبعد قانونيًا إمكانية اعتبار الأفعال المرتكبة إبادة جماعية.

ويؤكد دوبويسون أن اعتراف محكمة العدل الدولية بوجود “خطر معقول” يهدد حق الفلسطينيين في عدم التعرض للإبادة الجماعية، يُفعّل التزامات الدول بالعمل على منع وقوع هذه الجريمة أو استمرارها. ويشمل ذلك، على وجه الخصوص، وقف توريد المعدات العسكرية لإسرائيل واتخاذ خطوات عملية لمساعدة سكان قطاع غزة.

تداعيات الانضمام على المسار القضائي

على الرغم من أن انضمام بلجيكا لا يمثل ضغطًا مباشرًا على إسرائيل، إلا أنه قد يشجع قضاة المحكمة على تطبيق اتفاقية منع الإبادة الجماعية بطريقة أكثر صرامة. فكلما زاد عدد الدول التي تقدم تفسيرات قانونية متشابهة، زادت احتمالية توصل المحكمة إلى استنتاج بأن إسرائيل قد ارتكبت أفعالًا تشكل إبادة جماعية في غزة.

من السياسي إلى القانوني: سياق أوسع للدعوى

تأتي الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية استنادًا إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي لا تحظر ارتكاب الإبادة الجماعية فحسب، بل تلزم الدول أيضًا بمنع وقوعها. ولا تختص المحكمة بالمسؤولية الجنائية للأفراد، بل بمسؤولية الدولة ككل.

وفي يناير الماضي، أصدرت المحكمة تدابير مؤقتة تعترف بوجود خطر معقول يهدد الفلسطينيين في غزة. وقد أثارت هذه التدابير جدلاً واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية البلجيكية، حيث اعتبرت نقطة تحول تنقل الحرب من نطاق الجدل السياسي إلى حيّز المساءلة القانونية الدولية.

ويشير دبلوماسي عربي يعمل في بروكسل إلى أن الضغوط الأوروبية المتزايدة على إسرائيل لم تكن نتيجة مبادرة حرة، بل جاءت استجابة للضغط الشعبي الواسع. وأضاف أن المفوضية الأوروبية أُجبرت على اتخاذ خطوات ضد إسرائيل تحت وطأة هذا الضغط.

دائرة تتسع من الدول الداعمة للمساءلة

وبانضمام بلجيكا إلى الدعوى، تنضم إلى قائمة متنامية من الدول التي تسعى إلى محاسبة إسرائيل، بما في ذلك إسبانيا وأيرلندا وتركيا والبرازيل وكولومبيا والمكسيك وبوليفيا وليبيا. ويعكس هذا التوسع في الدعم الدولي للقضية الفلسطينية تحولًا ملحوظًا في المواقف السياسية والقانونية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وتأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديات متزايدة، بما في ذلك تقارير إعلامية عن طلبه ضمانات من فرنسا لضمان عدم اعتراض طائرته أثناء توجهه إلى الولايات المتحدة. ويعكس هذا القلق المتزايد من التداعيات القانونية والسياسية المحتملة للمسارات القضائية المفتوحة.

من المتوقع أن تستمر محكمة العدل الدولية في النظر في الدعوى، وقد تصدر حكمًا نهائيًا بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت أفعالًا تشكل إبادة جماعية أم لا في غضون الأشهر المقبلة. في الوقت نفسه، ستستمر المحكمة الجنائية الدولية في التحقيق في الجرائم المرتكبة في غزة، مما قد يؤدي إلى إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين. يبقى الوضع معقدًا وغير مؤكد، ويتطلب متابعة دقيقة للتطورات القانونية والسياسية على الساحة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى