ذاكرة الأمم بين الحفظ والنسيان
التاريخ الشفاهي، ثقافة وعلم له أسسه وطرقه ومدارسه ومناهجه، وفي دولة الإمارات أصبح هذا المجال له أهميته وقيمته بدعم من قيادتنا الرشيدة التي سعت للحفاظ على إرث وذاكرة الأمة.
هذا العلم المهم مقدر من جميع أمم العالم لما له من قيمة وأهمية في مستقبل الأجيال القادمة، ولأهمية الأمر استضافت أبوظبي «كونجرس المجلس الدولي للأرشيف»، فعاليات ولقاءات تحدثت عن أهمية الحفاظ على ذاكرة الأمم وتراثها من التلف والضياع، وكانت لي فرصة كبيرة في إدارة ورقة عمل بعنوان «الوصول إلى الذاكرة»، وخلال الجلسة طرح المشاركون تصوراتهم حول كيفية الحفاظ على التراث والإرث، وبالأخص الذاكرة الشفاهية التي تمثل تاريخ الأمم وذكرياتها، لقد ألقت الأوراق العلمية والبحثية الضوء على التاريخ الشفاهي وأهمية مواكبته روح العصر وتطوره.
كما تطرقت إلى أن المؤرخ العادي هو الذي ينقل القصص للأجيال القادمة، فالذاكرة الشعبية متوهجة وتحتوي الكثير من تفاصيل الشعوب ولها جانب ينير العتمة في أي زمن، ذلك أنها تأتي من أناس أحياء يسردون ما عاشوه سواء عن شخصيات أم أحداث. لقد عرف المؤرخ ثادسيتون التاريخ الشفوي بقوله: «ذكريات وتذكرات أناس أحياء حول ماضيهم».
والأجمل أن لدينا اليوم في دولة الإمارات ذاكرة تحفظ العديد من الأسماء التي عرف عنها رواية الأحداث ونقل الوقائع، وبات بين أيدينا شخصيات لها قيمتها بما تم توثيقه من أفلام ومدونات لأحاديثهم من مرويات البحر والصيد أو الصحراء، إنها بمثابة كنوز للهوية نادرة وقيّمة، ساهمت في دعم الهوية وتاريخ المنطقة بأسرها.
والأرشيف والمكتبة الوطنية من المؤسسات الداعمة لهذا الإرث وغيره من مقومات الحضارة، وتعمل على الحفاظ عليه حتى تبقى ذاكرتنا متوهجة جيلاً بعد جيل بتاريخ بلادنا وقصص كفاح الأجداد والآباء ولتدوم هذه النهضة وتستمر مسيرة التطوير الحضاري، وتحفظها الذاكرة، ونكون قد نجحنا في بناء جسر الثقافة المجتمعية ووعي، بناء يعبر بين الماضي وصولاً إلى الحاضر ووجهته المستقبل.