Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

رام الله أيتها الصديقة..!

في لحظة تأمل، تعود بي الذاكرة إلى ما قبل ربع قرن، إلى مدينة رام الله، التي كانت لي صديقة حميمة أثناء عملي في التدريس. في تلك الأيام، كنت أعيش في غرفة صغيرة بجوار مهد المسيح عليه السلام في بيت لحم، وحرصت على أن أتخذ لنفسي مسكنا في أجمل بقعة من بقاع رام الله.

نشأت بيني وبين رام الله صداقة قوية، جمع بيننا الصدق، ووحدت قلبينا محبة شعارها الوفاء وجوهرها الإخلاص والإيثار. ولكن، جاء العدوان الإسرائيلي في يونيو/حزيران 1967 ليفصل بيننا، ويحرمنا من لقاء بعضنا البعض.

عودة بعد فراق

بعد أكثر من 32 عاما من الفراق، عدت إلى رام الله زائرا في عام 2000، ومعي تصريح زيارة، وفي عيني مطر حزين. كانت عودتي بعد أن كتبت قصائد ترفض احتلال المدينة، ودفعت سلطات الاحتلال إلى اعتقالي وإبعادي عنها.

ولكن المفارقة كانت أنني عدت إليها بقصيدة أخرى ساخنة الصور، ثائرة المعاني، من ذات الشعر الذي تسبب في طردي عنها في السابق. وهكذا شاء الله سبحانه أن تنجح محاولتي الأخيرة في الوصول إليها.

لقاء بعد طول غياب

نزلت ضيفا على مهرجان رام الله للثقافة والفنون، وكان ذلك قبل انتفاضة الأقصى بشهرين. قطعت الجسر إليها، واجتزت أكثر من معبر وحاجز احتلالي، وكلي شوق للقاء. وما إن وطئت قدماي الأرض التي أحب وأعشق حتى أبرق غيم حزين في عيني وأمطر.

في تلك الليلة، هاتفت أمي -رحمها الله- من غرفتي في الفندق، وكنت حريصا على أن أطمئنها بأنني أنزل ضيفا على المهرجان، وليس معتقلا لدى اليهود. وحين طمأنتها، لم تصدق ما أقول، ولم تتحقق من صدق كلامي إلا بعد أن رأتني أدوس بقدمي عتبة بيتنا القديم في قريتنا.

صمود رام الله

رأيت رام الله أقوى مني، وأقدر على احتمال الهجر والفراق، وأصلب مني قلبا وعودا على مقاومة الاحتلال. كانت مدينة تعيش فوق الاحتلال، تتعالى على الأحزان، وتتسامى على الجراح.

كانت ليلة افتتاح المهرجان ليلة رائعة، وكان نشيد “فجرنا” الذي كتبته وتم تلحينه وتسجيله في عمان، بمثابة نبوءة بانتفاضة جديدة قادمة. وحين أدينا النشيد، ظل الرئيس ياسر عرفات واقفا محييا ومصفقا، وكأنه يرى انتفاضة الأقصى قادمة.

مستقبل رام الله

ومؤخرا، جاء خبر صادم عن مصادرة سلطات الاحتلال لـ73 دونما من أراضي رام الله والبيرة، ولكن رام الله ما زالت قادرة على مواجهة التحديات والظروف القاسية. ليتني حاضر معها لأحيي في نفوس أهلها إرادتهم الصلبة، وصمودهم الباسل، وجهادهم المتواصل.

رام الله ليست وحدها، فالله معها، وعقل الأمة معها، وقلبي عليها يا صديقتي الغالية الوفية. في ظل هذه التحديات، يبقى الأمل في مستقبل أفضل، وفي قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود والاستمرار في نضاله من أجل حريته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى