إسرائيل تواصل قصف مناطق طلبت من المدنيين الفرار إليها في غزة

استهدفت طائرات حربية إسرائيلية عدة مناطق في قطاع غزة مساء الجمعة وحتى يوم السبت ضمن قصف متواصل يتضمن الأجزاء المتضائلة من الأراضي التي طلبت إسرائيل من الفلسطينيين اللجوء إليها في جنوب القطاع.
جاءت هذه الضربات بعد يوم من استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الامن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة على الرغم من دعم الغالبية العظمى من أعضاء المجلس ودول كثيرة أخرى للقرار.
جاء التصويت في المجلس، المؤلف من 15 عضوا، بأغلبية 13 صوتا مقابل اعتراض واشنطن، وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل التصويت “الهجمات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية مكثفة ومستمرة وواسعة النطاق. يُطلب من سكان غزة أن يتحركوا مثل الكرات البشرية نحو مناطق الجنوب التي باتت تتضاءل دون وجود أي من أساسيات البقاء على قيد الحياة”.
قال غوتيريش لمجلس الأمن إن غزة وصلت إلى “نقطة الانهيار”، وأن نظام الدعم الإنساني معرض لخطر الانهيار التام، وأنه يخشى من عواقب قد تكون مدمرة على أمن المنطقة بأكملها.
باتت حدود غزة مع إسرائيل ومصر مغلقة فعليا تماما، ما لا يترك للفلسطينيين أي خيار سوى محاولة البحث عن ملجأ داخل القطاع.
تجاوز إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين في غزة منذ بداية الحرب 17400 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
قال الجيش الإسرائيلي يوم السبت إن قواته اشتبكت وقتلت نشطاء من حركة حماس وعثرت على أسلحة داخل مدرسة في الشجاعية في حي مكتظ بالسكان بمدينة غزة.
وأضافت أن الجنود اكتشفوا فتحة نفق في نفس الحي الذي عثروا فيه على مصعد، في حادث منفصل أطلق مسلحون النار على جنود من مدرسة تديرها الأمم المتحدة في بلدة بيت حانون الشمالية.
أبلغ عدد من سكان غزة يوم السبت عن شن غارات جوية وقصف في شمال وجنوب القطاع، وتضمن ذلك مدينة رفح القريبة من الحدود المصرية، والتي أمر الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين باللجوء إليها.
أعلنت وزارة الصحة في غزة صباح السبت، أن المستشفى الرئيسي في مدينة دير البلح وسط البلاد، استقبل جثث 71 شخصا قتلوا في قصف إسرائيلي خلال الساعات خلال الـ 24 الماضية.
قالت الوزارة إن المستشفى استقبل 160 جريحا أيضا، بالإضافة لنقل جثث 62 شخصا و99 جريحا إلى مستشفى ناصر في مدينة خان يونس الجنوبية خلال الـ 24 ساعة الماضية.
تحاول إسرائيل تأمين سيطرة الجيش على شمال غزة، حيث أبرز القتال العنيف مقاومة شديدة من مسلحي حماس.
يعتقد أن عشرات الآلاف من السكان ما زالوا في الشمال على الرغم من أوامر الإخلاء، وذلك بعد ستة أسابيع من دخول القوات البرية.
قتل أكثر من 2200 فلسطيني منذ انهيار الهدنة في الأول من ديسمبر ثلثاهم تقريبا من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.
مع وصول قليل من المساعدات الإنسانية إلى أجزاء قليلة فقط من قطاع غزة، أبلغ السكان عن نقص حاد في الغذاء.
قال مصطفى النجار، الذي كان يقيم في مدرسة تديرها الأمم المتحدة في مخيم جباليا المدمر للاجئين في شمال غزة: “أنا جائع جداً … نحن نعيش على الأطعمة المعلبة والبسكويت وهذا ليس كافيا”.
وأضاف أنه بينما يستطيع الكبار التغلب على الجوع، “فإنه أمر صعب ومؤلم للغاية عندما ترى ابنك أو ابنتك الصغيرة تبكي لأن هناك جائعين ولا تستطيع فعل أي شيء”.
رغم الضغوط الدولية المتزايدة، لا تزال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعارض الوقف الدائم لإطلاق النار بحجة أنه سيمكن حماس من البقاء، ويشكل تهديدا لإسرائيل.
أعرب مسؤولون أمريكيون عن مخاوفهم في الأيام الماضية بشأن ارتفاع عدد القتلى المدنيين، والأزمة الإنسانية الكبيرة، لكنهم لم يطالبوا إسرائيل بإنهاء الحرب، التي دخلت الآن شهرها الثالث.
قال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، خلال منتدى أمني قبل يوم من استخدام الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن “لم نحدد موعدا نهائيا صارما لإسرائيل كي تنهي الحرب، هذا ليس دورنا حقا. مع ذلك، لدينا نفوذ حتى لو لم تكن لدينا السيطرة المطلقة على ما يحدث على الأرض في غزة.”
قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن وقف إطلاق النار سيكون انتصارا لحماس.
وأضاف “وقف إطلاق النار بمثابة جائزة لحماس، وتجاهلا لتحرير الرهائن المحتجزين في غزة، وسيرسل إشارة إلى الجماعات الإرهابية في كل مكان.”
كان وفد من وزراء خارجية الدول العربية وتركيا في واشنطن لدفع إدارة بايدن للتخلي عن اعتراضاتها على وقف فوري لإطلاق النار. قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الجمعة، قبيل لقائه مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إن القصف الإسرائيلي وحصار غزة هو جريمة حرب، وتؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.
مع استئناف القتال بعد هدنة قصيرة استمرا أسبوعا، حثت الولايات المتحدة إسرائيل على بذل مزيد من الجهود لحماية المدنيين، والسماح بوصول المزيد من المساعدات إلى غزة.
جاءت هذه النداءات بالتزامن مع توسيع إسرائيل لحملتها الجوية والبرية العنيفة في جنوب غزة، خاصة مدينة خان يونس، وهو ما أدى لفرار عشرات الآلاف من السكان.
قال طه عبد الرحمن، أحد سكان خان يونس، لأسوشيتدبرس عبر الهاتف صباح السبت “ليلة الأمس شهدت إطلاق نار كثيف، وقصفا مثل كل ليلة”.
ذكر مسؤولو الدفاع المدني في غزة إن شخصا على الأقل قتل مساء الجمعة في مدينة رفح، وأصيب آخرون عقب غارة جوية استهدفت منزل عائلة.
نشرت صور لمواطنين يستخدمون مصابيح كهربائية وهواتفهم النقالة للبحث في أنقاض المنزل عن ناجين محتملين.
شوهدت رافعة تقوم بإزالة الأنقاض بينما قطع رجال الإنقاذ أعمدة حديدية وسط الأسطح الخرسانية المنهارة.
كما استهدفت غارات جوية ليلية مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط غزة، حيث قال عمر أبو مغازي، أحد السكان، إن غارة أصابت منزل عائلة، وهو ما أدى لوقوع إصابات.