رحيل محمد بكري.. سينمائي حمل فلسطين إلى الشاشة وواجه الملاحقة بالنضال الفني

توفي اليوم الأربعاء الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري عن عمر يناهز 72 عامًا، بعد صراع مع المرض، منهيًا بذلك مسيرة فنية حافلة امتدت لعقود. اشتهر بكري بأعماله السينمائية التي تناولت القضية الفلسطينية، وترك إرثًا فنيًا مؤثرًا في السينما العربية والعالمية. محمد بكري، اسم ارتبط بالنضال السينمائي وقضايا العدالة، رحل عن عالمنا تاركًا فراغًا كبيرًا في الأوساط الفنية والثقافية.
عرف بكري بتقديمه لأعمال فنية تعكس واقع الإنسان الفلسطيني ومعاناته، سواء من خلال التمثيل أو الإخراج أو الإنتاج. انتقلت تجربته من المسرح إلى الشاشة الفضية، ليصبح صوتًا بارزًا في المشهد الثقافي العربي، وقدم رؤى فنية مستوحاة من الحياة اليومية تحت الاحتلال. تنوعت أعماله لتشمل أفلامًا وثائقية ودرامية، مما جعله فنانًا متعدد المواهب.
اقرأ أيضا
list of 2 items
end of list
نعى المخرج والمنتج الفلسطيني رشيد مشهراوي بكري، واصفًا إياه بـ “الكبير الذي لا يرحل”. وأضاف مشهراوي عبر صفحته على فيسبوك أن “العظماء يخلدون بما يتركونه من أثر ومحبة”، معبرًا عن حزنه العميق لفقدان “صديق وشريك، فنان وإنسان”. كما عبّر المؤلف والمخرج المصري أحمد فوزي صالح عن أسفه لرحيل بكري، مشيدًا بانحيازه الدائم للإنسان وسعيه الدؤوب لعالم أكثر عدلاً وحرية.
الكاتبة والمخرجة الفلسطينية ليالي بدر نعت بكري أيضًا، مستذكرةً دعمه وتشجيعه لها طوال مسيرتها الفنية. وكتبت في وداع الفنان الراحل: “كيف يمكن للحياة أن تستمر بعد رحيلك؟ أنت، مثل فلسطين، دائمًا في قلبي”.
نضال سينمائي
ولد محمد بكري في قرية البعنة بالجليل، وحصل على تعليم في مجالي التمثيل والأدب قبل أن يبدأ مسيرته الفنية في العديد من الدول، بما في ذلك هولندا وبلجيكا وكندا. شارك في أكثر من 40 عملًا فنيًا، شملت التأليف والإخراج والتمثيل والإنتاج. كانت أعماله بمثابة منصة للتعبير عن قضايا وطنه وشعبه.
في عام 2002، أخرج بكري فيلمه الوثائقي “جنين جنين”، الذي وثق أحداث معركة جنين خلال عملية الدرع الواقي والمجزرة التي وقعت في مخيم جنين. أثار الفيلم جدلاً واسعًا وتعرض بسببه لمضايقات ومحاكمات من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث صدر حكم بمصادرة نسخ الفيلم ودفع غرامات مالية كبيرة.
بالإضافة إلى ذلك، شارك محمد بكري في العديد من الإنتاجات السينمائية الدولية، بما في ذلك الفيلم الإسباني “الجسد” (The Body) والفيلم الألماني “جيرافادا” (Giraffada) والفيلم البلغاري “المخلص” (The Savior). وقد ساهمت هذه المشاركات في تعزيز حضوره في الساحة السينمائية العالمية.
كما شارك في الفيلم الإيطالي “خاص” (Private) عام 2004، والذي حاز على جائزة أسد المستقبل في مهرجان فينيسيا السينمائي. قدم الفيلم صورة مؤثرة عن الحياة اليومية لعائلة فلسطينية تعيش تحت الاحتلال، وأصبح من أبرز الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية في بداية الألفية الجديدة.
آخر أعماله كان الفيلم الفلسطيني البلغاري “كل ما تبقى منك” (All That’s Left of You) الذي عرض عام 2025، ويتناول الفيلم قصة عائلة فلسطينية وتأثير النضال السياسي على حياتهم. يستمر هذا الفيلم في تقديم رؤية فنية عميقة للقضية الفلسطينية.
في عام 2020، اختارته وزارة الثقافة الفلسطينية كشخصية العام الثقافية تقديرًا لمسيرته الفنية وإسهاماته في إبراز القضية الفلسطينية.
رحيل محمد بكري يمثل خسارة كبيرة للسينما العربية والفلسطينية، ولكن إرثه الفني سيظل حيًا في ذاكرة الأجيال القادمة، كشاهد على نضال شعب يسعى إلى الحرية والعدالة. من المتوقع أن تستمر أعماله في إلهام الفنانين والمبدعين، وأن تظل القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان العربي والعالمي من خلال فنه.





