زعماء تحالف الساحل أمام اختبار بمواجهة الجماعات المسلحة

تُعد قمة تحالف دول الساحل التي تُعقد في باماكو يومي 22 و23 ديسمبر/كانون الأول 2025، حدثًا بالغ الأهمية يهدف إلى تعزيز التعاون الأمني في المنطقة في ظل تصاعد التحديات التي تواجهها الدول الثلاث، مالي والنيجر وبوركينا فاسو. تأتي هذه القمة في وقت حرج، بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية وتزايد نفوذ الجماعات المسلحة، مما يجعل مستقبل **تحالف الساحل** محل اهتمام دولي واسع.
تأسس التحالف في سبتمبر 2024 كرد فعل على تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، وانسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتقليص الوجود العسكري الأمريكي. يهدف القادة العسكريون في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، من خلال هذه القمة، إلى تقديم رؤية مشتركة لمواجهة الإرهاب والتطرف العنيف، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
تحديات أمنية متزايدة تواجه تحالف الساحل
شهدت مالي والنيجر وبوركينا فاسو في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة. استغلت هذه الجماعات حالة الفراغ الأمني، وتوسع نفوذها في المناطق الريفية، مما أثر سلبًا على حياة السكان المحليين.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تسببت هذه الهجمات في نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وشلّ العديد من الأنشطة الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، بدأت الجماعات المسلحة في فرض قيود على حركة البضائع والأفراد، مما زاد من معاناة السكان.
التحول نحو شراكات جديدة
بعد تقليص الدعم العسكري الغربي، سعت دول الساحل إلى تنويع شراكاتها الأمنية. وقد تجلى ذلك في التقارب مع روسيا، التي بدأت في تقديم مساعدات أمنية عبر شركات عسكرية خاصة. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين دول الساحل والقوى الدولية التقليدية.
صرح مسؤولون عسكريون في مالي أن التعاون مع روسيا ضروري لملء الفراغ الأمني، وتعزيز القدرات العسكرية لدول التحالف. في المقابل، يرى بعض المحللين أن هذا التقارب قد يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة، ويؤدي إلى صراعات جديدة.
التنسيق العسكري والقيود المالية
تُركز قمة باماكو بشكل أساسي على تعزيز التنسيق العسكري بين الدول الثلاث، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنفيذ عمليات مشتركة لمكافحة الإرهاب. ومع ذلك، يواجه التحالف تحديات كبيرة في هذا المجال، أهمها ضعف الموارد المالية والعسكرية.
تعاني الجيوش الوطنية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو من نقص حاد في المعدات الحديثة والتدريب المتخصص. بالإضافة إلى ذلك، تعيق القيود المالية قدرة الدول على شراء الأسلحة والمعدات اللازمة، وتوفير الدعم اللوجستي للقوات المنتشرة في المناطق النائية.
الضغوط السياسية والاجتماعية المتزايدة
بالإضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية، يواجه القادة العسكريون ضغوطًا سياسية واجتماعية متزايدة. يطالب المجتمع المحلي بحلول عاجلة للأزمة الأمنية، وتقديم الخدمات الأساسية، وتحسين الظروف المعيشية. في الوقت نفسه، تعارض المعارضة المدنية استمرار الحكم العسكري، وتدعو إلى إجراء انتخابات ديمقراطية.
يؤكد القادة العسكريون أن نجاحهم في صد الجماعات المسلحة سيمثل خطوة مهمة نحو استعادة الشرعية، وتحقيق الاستقرار السياسي. ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن الحلول طويلة الأمد تتطلب معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، مثل الفقر والبطالة والتهميش.
علاوة على ذلك، فإن التوترات العرقية والدينية في المنطقة تمثل تحديًا إضافيًا أمام تحقيق الاستقرار. تستغل الجماعات المسلحة هذه التوترات لزيادة نفوذها، وتجنيد أعضاء جدد.
في الختام، من المقرر أن تعلن قمة باماكو عن خطة عمل مشتركة لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة، وتحديد أولويات التعاون بين الدول الثلاث. يبقى من المبكر تقييم مدى نجاح هذه الخطة، لكنها تمثل محاولة حاسمة لإعادة الاستقرار إلى الساحل، ووضع حد لتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة. سيراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات في المنطقة، ونتائج هذه القمة، لمعرفة ما إذا كانت ستساهم في تحقيق حلول مستدامة للأزمة.





