زعيم غينيا يستعد للتحول من قائد انقلاب إلى رئيس منتخب

قدّم الرئيس الانتقالي في غينيا، مامادي دومبويا، ترشحه رسميًا للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 ديسمبر/كانون الأول. وتُعتبر هذه الخطوة مهمة في مسعى غينيا لإنهاء الفترة الانتقالية والعودة إلى الحكم المدني بعد انقلاب عام 2021. وتسعى حملة الانتخابات الرئاسية في غينيا إلى إبراز الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في عهده، وسط انتقادات من المعارضة والمجتمع المدني.
إنجازات اقتصادية ورغبة في الاستقرار السياسي
منذ توليه السلطة عبر انقلاب عسكري في سبتمبر/أيلول 2021، ركز دومبويا على إصلاح قطاع التعدين، وهو محرك رئيسي للاقتصاد الغيني. وقد أطلق مشروعًا ضخمًا لاستخراج خام الحديد في منطقة سيماندو، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات في قطاع البوكسيت، الذي تمتلك فيه غينيا احتياطيات عالمية كبيرة. تهدف هذه الإصلاحات إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة.
تهدف الحكومة أيضًا إلى تحسين البنية التحتية في البلاد، مع التركيز على مشاريع الطرق والكهرباء. هذه المشاريع، بحسب تصريحات الحكومة، تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتسهيل التجارة.
تحديات الديمقراطية والانتقادات الموجهة
على الرغم من جهود الاستقرار الاقتصادي، يواجه دومبويا انتقادات بسبب تهميش خصومه السياسيين وتقييد الحريات المدنية. اتهامات قمع المعارضة وتقييد حرية الصحافة أثيرت من قبل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية. كما أثار العفو الذي منحه للرئيس السابق موسى داديس كامارا، المدان بجرائم خطيرة، جدلاً واسعاً.
أحد أبرز زعماء المعارضة، سيلو دالين ديالو، يعيش حاليًا في المنفى بعد اتهامه بالفساد. بالإضافة إلى ذلك، تم استبعاد الرئيس السابق ألفا كوندي من الترشح بسبب بلوغه سن 85 عامًا، وهو ما يتجاوز الحد الأقصى الجديد للترشح.
ردود الفعل الدولية والمخاطر الجيوسياسية
تثير عودة غينيا إلى الانتخابات الرئاسية اهتمامًا دوليًا كبيرًا، خاصةً في ظل تراجع الديمقراطية في منطقة الساحل. يواجه الغرب معضلة: فمن ناحية، يخشون من انتقاد سجل دومبويا في مجال حقوق الإنسان، مما قد يدفعه نحو تحالفات مع الصين أو دول أخرى. ومن ناحية أخرى، قد يشجع نجاحه في الانتقال إلى السلطة بطريقة ديمقراطية قادة عسكريين آخرين في المنطقة على اتباع نفس المسار.
تعتبر الاستثمارات في غينيا ذات أهمية استراتيجية للعديد من الدول، نظرًا لاحتياطياتها الغنية من المعادن. ونتيجة لذلك، فإن مستقبل الحكم في غينيا له تداعيات أوسع نطاقًا على التوازن الجيوسياسي في المنطقة.
خلفية عن مامادي دومبويا
ينحدر مامادي دومبويا من مجموعة عرقية المالينكي في مدينة كانكان بشرق غينيا. لديه خلفية عسكرية قوية، حيث تلقى تدريبات في إسرائيل والسنغال والغابون وفرنسا. خدم في الفيلق الأجنبي الفرنسي، وتزوج من ضابطة شرطة فرنسية. يمتلك دومبويا خبرة ميدانية واسعة، حيث شارك في مهام عسكرية في أفغانستان وساحل العاج وجيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
قرار دومبويا بالترشح يمثل تحولاً عن وعوده الأولية بعد الانقلاب، والتي تنص على عدم خوضه الانتخابات. ومع ذلك، فإن دستورًا جديدًا أُقر في استفتاء عام الماضي قد ألغى هذا القيد.
مستقبل غينيا بعد الانتخابات
من المتوقع أن تجرى العملية الانتخابية في غينيا في بيئة متوترة، مع وجود مخاوف بشأن احتمال وقوع أعمال عنف أو تزوير. يراقب المجتمع الدولي عن كثب هذه الانتخابات، بهدف ضمان نزاهتها وشفافيتها. الخطوة التالية هي انتظار نتائج الانتخابات، والتي من المتوقع أن تُعلن في أوائل شهر يناير/كانون الثاني 2026.
السيناريوهات المحتملة متعددة، بدءًا من فوز دومبويا وتثبيته لسلطته، وصولًا إلى فوز مرشح من المعارضة وتغيير جذري في السياسات الحكومية. هناك أيضًا احتمال لوقوع نزاع أو احتجاجات واسعة النطاق إذا اعتبرت الانتخابات غير نزيهة. مستقبل غينيا سيظل غير مؤكد حتى يتم حل هذه القضايا.





