ستراتفور: ما التداعيات الإقليمية لوقف إطلاق النار في غزة؟
19/1/2025–|آخر تحديث: 19/1/202502:45 م (توقيت مكة)
قال موقع ستراتفور إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) من شأنه أن يخفف من حدة التوتر مع لبنان ومصر ويقلل من هجمات الحوثيين في اليمن، ولكن من غير المرجح أن يعزز التطبيع مع السعودية، خاصة أن الانتهاكات المحتملة للاتفاق من شأنها أن تعيد إشعال التوترات الإقليمية.
وذكّر الموقع بأن إسرائيل وحماس وافقتا يوم 15 يناير/كانون الثاني على وقف لإطلاق النار يهدف إلى إنهاء 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة، وقد لاقت الهدنة، التي تهدف إلى انسحاب إسرائيل من غزة وتمكين القطاع من الحكم الذاتي، ترحيبا دوليا، وخاصة من قبل البلدان والمسلحين الذين كانوا يقاتلون تضامنا مع حماس.
ومن المرجح الآن تمديد الهدنة التي تنتهي يوم 26 يناير/كانون الثاني بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، في حين تعهدت جماعة الحوثي بمراقبة وقف إطلاق النار في غزة وضرب إسرائيل في حالة حدوث انتهاكات، كما أعرب القادة الإيرانيون عن دعمهم للهدنة، ورحبت الدول المجاورة التي تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، مثل مصر والأردن بالاتفاق.
وعزا الموقع التوصل إلى الهدنة إلى التعب من الحرب، إلى جانب الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة على إسرائيل، ومن قطر ومصر على حماس وسط الأزمة الإنسانية في غزة وانخفاض الدعم الإقليمي.
ومع وقف إطلاق النار في غزة، ستحول إسرائيل التركيز إلى الضفة الغربية لمواجهة التشدد الفلسطيني وتوسيع المستوطنات -كما يرى الموقع- وسيزيد ذلك من خطر اندلاع انتفاضة فلسطينية، تؤدي إلى تدفق اللاجئين إلى الأردن مما قد يزعزع استقرار البلد، وسيسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استرضاء أعضاء اليمين المتطرف في حكومته الائتلافية من خلال التخطيط لضم الأراضي وبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
إعلان حرب
وإذا أدى العدوان الإسرائيلي المتزايد في النهاية إلى إشعال انتفاضة فلسطينية، فإن الاضطرابات الناتجة عن ذلك ستؤدي إلى تدفق موجة من اللاجئين إلى الأردن، مما يهدد بتوتر العلاقات الدبلوماسية والأمنية بين عمان وتل أبيب، ويزعزع استقرار الأمن والمناخ السياسي في الأردن.
وبالفعل تزايد العنف في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، وزادت إسرائيل غاراتها وضرباتها هناك، ولكن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي صرح بأن أي محاولة من جانب إسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن ستعتبر إعلان حرب، وأشار الصفدي إلى تصريحات الملك الأردني عبد الله الثاني الذي أكد أن مسألة إجبار الفلسطينيين على النزوح إلى الأردن “خط أحمر”.
وفي المقابل، قال مرشح ترامب لمنصب وزير الخارجية، السيناتور ماركو روبيو، إن الإدارة القادمة ستعمل على إلغاء العقوبات التي فرضها الرئيس جو بايدن على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين والكيانات في الضفة الغربية كجزء من التزامها بأن تكون “الإدارة الأكثر تأييدا لإسرائيل في تاريخ أميركا”.
ورجح ستراتفور أن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة في البداية إلى تهدئة التوترات الدبلوماسية والأمنية بين إسرائيل ومصر، ويسمح بعودة النازحين من شمال غزة إلى ديارهم، ويجنب مصر أزمة لاجئين على الحدود، مما يحسن الوضع الداخلي في مصر، ويجعلها تضغط على كل من إسرائيل وحماس للالتزام بشروط وقف إطلاق النار الجديد.
ومع أن إسرائيل استمرت في ضرب لبنان بشكل دوري بعد بدء الهدنة معه، فإن وقف إطلاق النار يبشر باستمرار تهدئة الصراع في لبنان، ويمهد الطريق لتمديد الهدنة هناك.
تطبيع مجمد
ومن ناحية أخرى، رجح الموقع أن يظل التطبيع السعودي الإسرائيلي مجمدا رغم وقف إطلاق النار، ورغم انفتاح الرياض على اتفاقية الدفاع الأميركية والصفقة النووية التي عرضتها واشنطن مقابل إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل، وذلك يعود إلى سعي السعودية لحل دائم للعنف الإسرائيلي الفلسطيني المتكرر، وإلى أن التطبيع أصبح محفوفا بالمخاطر السياسية بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة التي عززت المشاعر المعادية لإسرائيل بين المواطنين السعوديين.
ولذلك سوف تحافظ السعودية على موقفها القائل بأنها تريد رؤية دولة فلسطينية قبل التطبيع، مع أن ذلك غير قابل للتنفيذ بالنسبة للحكومة الإسرائيلية الحالية، وقد تستأنف العلاقات السرية الإسرائيلية السعودية -حسب الموقع- إلا أنها سوف تكون بطيئة الحركة، مما يؤدي إلى إعاقة التكامل الإقليمي لإسرائيل، وتطلعات إدارة ترامب لتوسيع اتفاقيات إبراهيم.
أما الحوثيون الذين أعلنوا عن وقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، فقد يستأنفونها إذا كثفت إسرائيل وحلفاؤها الغربيون الضغوط عليهم أو إذا تآكل وقف إطلاق النار في غزة، خاصة أنهم قد يواجهون عقوبات اقتصادية متصاعدة من إسرائيل وحلفائها الغربيين بعد أن أثبتوا قدرتهم على تعطيل ممرات الشحن البحري الحيوية الضرورية لسلاسل التوريد الأوروبية والأميركية والتجارة الحرة، وعن قدرتهم على ضرب إسرائيل وتجاوز دفاعاتها الجوية.
وخلص ستراتفور إلى أن انتهاك شروط وقف إطلاق النار في بعض مراحله الأخيرة يهدد بإعادة إشعال الصراع من جديد مع ما يترتب على ذلك من توترات إقليمية، خاصة أن إسرائيل ستقوم خلال المرحلة الأولى بعمليات عسكرية منخفضة الكثافة ودورية في غزة لمنع حماس من إعادة تنظيم وتهديد قواتها في القطاع.
وهذه العمليات التي قد تنطوي على غارات جوية محدودة ودورية، سوف تخلق المزيد من الفرص لخرق إسرائيل الاتفاق والمخاطرة بانهياره، خاصة إذا واجهت ضغوطا سياسية محلية للحفاظ على وجود عسكري طويل الأمد في غزة لمنع ما يشبه السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وختم الموقع بالتذكير بأن إسرائيل اشترطت للانسحاب الكامل من غزة عدم لعب حماس أي دور في الحكم المستقبلي للمنطقة، مع أنها لم تضع حتى الآن إستراتيجية لإيجاد حل بديل للحكم في القطاع، ومع أن السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية، اشترطت لمشاركتها في حكومة غزة المستقبلية استئناف المحادثات مع إسرائيل بشأن حل الدولتين، الذي تعارضه الحكومة الإسرائيلية الحالية.